هكذا أنقذ التدخل الخليجي الجنيه المصري من سيناريو لبنان
♛ كتب – أيمن الشحات:
خسر الجنيه أكثر من 50% من قيمته أمام الدولار في أقل من عام، بعد أن تحركت أسعار الصرف الرسمية، حيث كسر الدولار حاجز 32 جنيهًا، قبل أن يتراجع في غضون ساعات إلى مستوى 29.76 جنيها للدولار في البنك المركزي المصري.
وقال المحلل المالي بإحدى شركات الاستثمارات المالية، هشام حمدي، لـ«مدى مصر»أن سبب التراجع هو دخول دولارات من خلال شراء صناديق استثمارات خليجية سندات بنحو ربع مليار دولار، أمس، التي دعمت جانب العرض.
وأظهرت تداولات اليوم بسوق الأوراق المالية «البورصة»، قيادة صناديق الاستثمار الخليجية عملية شراء سندات بقيمة تتجاوز سبعة مليارات جنيه، فيما اتجهت المؤسسات المصرية والأجانب إلى البيع.
وبحسب بيانات سعر الصرف، بدأ سعر الجنيه في الانخفاض قبل دقائق من الساعة التاسعة صباح أمس، واستمر في التراجع السريع ليصل السعر إلى 32.15 جنيها أمام الدولار بحلول الساعة 11:18 صباح أمس . لكن، بعد ذلك بدقائق، تدخلت صناديق استثمارية خليجية بقوة لشراء خمس أنواع من سندات خزانة مصرية، بقيمة وصلت إلى 7.18 مليارات جنيه (نحو 250 مليون دولار).
وتعبر عمليات الشراء الخليجية للسندات الحكومية عن دخول سيولة دولارية للبنوك، عن طريق بيع الدولار من قبل تلك الصناديق للحصول على الجنيه اللازم لشراء السندات التي تباع بالعملة المحلية.
وبحسب بيانات البورصة المصرية، ركزت الصناديق الخليجية على شراء سندات الخزانة المصرية استحقاق 20 أكتوبر 2025، إذ اشترت الصناديق من تلك السندات ما قيمته تتجاوز سبعة مليارات جنيه، وهو ما يأتي بعد ساعات معدودة من إعادة الحكومة فتح الاكتتاب في تلك السندات أمس.
وأسهم تدخل الصناديق الخليجية في رفع سعر تلك السندات خلال تعاملات اليوم، رغم انخفاض العائد عليها.
وفي مقابل التدفق الدولاري الذي ساهم في خفض السعر نسبيًا اليوم، فإن الطلب على الدولار لم يشهد تغيرات كبيرة منذ بداية العام الجاري، حين قرر البنك المركزي إيقاف قرار سابق بتقييد الواردات عن طريق قصرها على الاعتمادات المستندية، ليعاود العمل بمستندات التحصيل، والتي تسمح للمستوردين والتجار بسداد جزء فقط من قيمة الشحنات الواردة، واستكمال السداد بناء على جدول سداد مُتفق عليه بينهم وبين المصدرين بالخارج.
كان صندوق النقد الدولي أعلن بعد اجتماعه، أمس، حول اتفاق القرض مع مصر، أن البنك المركزي المصري يلتزم بالتحول إلى نظام سعر صرف مرن، ويمثل ذلك أهم تعهدات الجانب المصري ضمن نطاق الاتفاق مع الصندوق، إلا أن الاتفاق ذكر أن «المركزي» سيتدخل في سعر الصرف في حالة «التقلبات العنيفة» دون تحديد ما يعنيه هذا التقلب الكبير الذي سيتدخل معه «المركزي». وباستثناء هذا، لن يتدخل «المركزي» باستخدام النقد الأجنبي أو الأصول الأجنبية للبنوك لضبط سعر الصرف.
وأشار الصندوق إلى أن موافقته على القرض الجديد لمصر جاء بعد تعهدات من «شركاء» للسلطات في «القاهرة» بمساعدة الاقتصاد المصري، وبشكل خاص من دول مجلس التعاون الخليجي التي تعهدت بعدم المطالبة بودائعها البالغة 28 مليار دولار في البنك المصري حتى 2026، التي تمثل نحو 82% من إجمالي احتياطي النقد الأجنبي في مصر الذي عاد إلى الصعود البطيء خلال الشهرين الماضيين ليصل إلى 34 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
وبجانب الودائع، أشار الصندوق إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تعهدت أيضًا بشراء أصول ستطرحها الحكومة المصرية تباعًا خلال السنوات القادمة، بما في ذلك أصول بقيمة 4.6 مليارات دولار خلال العام المالي القادم، يتبعها أصول بقيمة 1.8 مليار دولار في 2024-2025.
وانعكس التقلب الكبير في سعر الصرف، اليوم، على عدة أسواق، حيث أوضح عدد من أصحاب محال الذهب في مناطق متفرقة لـ«مدى مصر» توقف حركة البيع والشراء لحين وضوح سعر الدولار، وإن كانت الأسعار الأولية قد شهدت ارتفاعًا كبيرًا، ليتحرك عيار 21 من 1800 جنيه، أمس، إلى 1900 جنيه، اليوم.
ويُذكر أن أسعار الذهب بمختلف عياراته، تزيد بنحو 25% مقارنة بالسعر العالمي، وذلك بالنظر إلى احتساب سوق الذهب سعر الصرف عند مستوى يفوق 34 جنيهًا.
وفي رأي المحلل الاقتصادي لدى بنك جولدمان ساكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فاروق سوسة، فإن تعديل سعر صرف الجنيه أمام الدولار لم يكتمل بعد، متوقعًا أن يرتفع السعر الرسمي للدولار ليقترب من سعر السوق الموازي الذي قد يقترب من 35 جنيهًا للدولار.