محمد منصور.. قصة ملياردير مصري تولى أمانة صندوق حزب المحافظين البريطاني
سلط تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” الضوء على إعلان رئيس الوزراء البريطاني “ريشي سوناك” تعيين رجل الأعمال المصري، الذي يحمل الجنسية البريطانية “محمد منصور”، أمينا لصندوق “حزب المحافظين”؛ حيث أشار التقرير إلى شخصية “منصور” كملياردير مثير للجدل ووزير سابق للنقل في مصر أُقيل على إثر حادث قطار دموي.
وقال التقرير، إنه تم الإعلان عن منصب “منصور” الجديد في حفل خاص في لندن، الإثنين الماضي، من قبل زعيم حزب المحافظين ورئيس الوزراء البريطاني “ريشي سوناك”.
في البداية، لم يؤكد حزب المحافظين الدور رسميا؛ حيث قامت مصادر الحزب ببساطة بإطلاع الصحافة.
فيما أعلن “منصور” منذ ذلك الحين عن سعادته بالمنصب الجديد، وأشار إلى أنه بصفته “مواطنا بريطانيا فخورا” فإنه يتطلع إلى دعم “الحزب والوطن”.
وأكد مصريون يعرفون “منصور” وأعماله خلال السنوات القليلة الماضية أنه سيضيف عقودًا من الخبرة في مجال الأعمال والسياسة إلى دوره الجديد.
ونقل التقرير عن “محمد العرابي” وزير الخارجية المصري السابق قوله: “لقد استخدم منصور خبرته الشخصية كرجل أعمال ناجح للوصول إلى هذا المنصب”.
وأضاف: “سيخلق منصور بالطبع نوعا من التواصل بين المملكة المتحدة والدول العربية.. إنه لأمر عظيم أن يكون لعربي تأثير على حزب مهم مثل حزب المحافظين”.
وأردف “عرابي”: “منصور متصل بشبكة كبيرة من رجال الأعمال في لندن، وهي التي ستضمن نجاحه”.
وأشار التقرير إلى أن أمناء الخزانة في حزب المحافظين كثيرا ما أثاروا الجدل في السنوات الأخيرة، ونظرًا لأنهم يعملون في وسط المال والسياسة، وفي قلب المؤسسة البريطانية، فهم ليسوا بعيدين جدًا عن الأسئلة حول المال والنفوذ، وهو الأمر الذي سيحاصر “منصور الذي يبلغ حجم ثروته 2.5 مليار دولار؛ حيث تبرع بـ600 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظي من خلال شركته الخاصة أونتراك”.
وتعهد “منصور” بمبلغ 2 مليون جنيه إسترليني إضافي للمساعدة في إحياء خزائن الحزب في الفترة التي سبقت انتخابات المملكة المتحدة 2024، وتم إسناد دور له العام الماضى في المجلس الاستشارى للاستثمار، التابع للحكومة الريطانية، وذلك بصفته مؤسس شركة الاستثمار “مان كابيتال” المملوكة لعائلته.
ومن المعروف أيضا أن المصري عضو في “نادي 250” للمتبرعين لحزب المحافظين، والذي يسمح بشكل مثير للجدل بالوصول الحصري للوزراء.
وأشار “ميدل إييست آي” إلى أن تعيين “منصور” في منصبه الجديد أعاده إلى الأضواء في وطنه الأصلي مصر، مع عودة الحديث عن شخصيته التي لها سجلا حافلا من النجاحات والإخفاقات أيضا.
ولد “محمد منصور” عام 1948 لعائلة تجارية في مدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية، ودرس الهندسة في جامعة ولاية كارولينا الشمالية وتخرج عام 1968.
أسس والده “لطفي منصور”، “مجموعة منصور” في عام 1952. ويشرف عليها الآن “محمد”، ويعمل التكتل العائلي 60 ألف شخص وهو من بين أكبر الشركات في مصر.
لفترة طويلة ، ارتبطت عائلة “منصور” بمجموعة كبيرة من العلامات التجارية العالمية، والتي عملوا فيها كوكلاء.
ومن بين هذه الشركات “شيفروليه” و”مارلبورو” و”جنرال موتورز”، وكذلك “كاتربيلر”، التي تمتلك العائلة حقوق توزيع حصرية لها في مصر وسبع دول أفريقية أخرى.
تضمنت بعض اهتمامات عائلة “منصور” الأخرى “مترو”، أكبر سلسلة سوبر ماركت في مصر، وامتيازات “ماكدونالدز”.
وفي مصر، “محمد” نفسه كان يعرف باسم “منصور شيفروليه”.
وزير النقل
تعرف بعض المصريين على “محمد منصور” لأول مرة في 30 ديسمبر/كانون الأول 2005 عندما عينه “حسني مبارك”، حاكم البلاد الأسبق، وزيرا للنقل في الحكومة الثانية لرئيس الوزراء آنذاك “أحمد نظيف”.
ويقول التقرير إن ذلك كان وقت التغيير في السياسة المصرية؛ حيث تم جلب رجال الأعمال لتولي حقائب وزارية لأول مرة في حكومة مكونة في الغالب من أشخاص من عالم الأعمال.
عُرف “منصور” بأنه جزء من فريق “جمال” نجل “مبارك”، وسرعان ما فكر عامة الناس في هذه المجموعة من رجال الأعمال على أنها في الحكومة لخدمة إمبراطوريات الشركات الخاصة بهم، على الرغم من أن “منصور” تخلى عن منصبه في شركته طوال فترة عمله وزيرا.
وأشار التقرير إلى أن “منصور” كان قد بدأ سلسلة ترقيات وتطويرات في قطاعات وزارة النقل، ومن بينها السكك الحديدية الأقدم في أفريقيا الموجودة بالبلاد، وكذلك قطاع الحافلات العامة (النقل العام).
ونقل التقرير عن “محمود الضبعة”، اختصاصي النقل وعضو لجنة النقل بالبرلمان المصري ، قوله: “لقد استخدم التقنيات الحديثة لإحداث ثورة في العمل في هذه الوكالات”، مردفا: “كان سيمضي قدما في تحديث أنظمة النقل في مصر ، لو بقي في منصبه لفترة أطول”.
وانتهت مسيرة “منصور” الوزارية بشكل مفاجئ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2009 ، عندما طلب منه رئيس الوزراء تقديم استقالته، بعد ثلاثة أيام من اصطدام قطاري ركاب ببعضهما في العياط، وهي مدينة تقع على بعد 45 كيلومترًا جنوب غرب العاصمة المصرية القاهرة؛ مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا وإصابة 30 آخرين.
وتسبب الحادث في موجة من الغضب الشعبي، وأدى إلى دعوات لإقالة الوزير، والذي ظهر أمام البرلمان في اليوم التالي ورفض الاستقالة، قائلاً إن الحادث لم يكن خطأه الشخصي.
بعد أقل من عامين، تمت الإطاحة بـ”مبارك”، الحاكم السلطوي لمصر لمدة ثلاثة عقود، في أعقاب احتجاجات جماهيرية واسعة النطاق.
ويرى التقرير أنه ربما كان تحدي “منصور” في البرلمان بعد مأساة القطار دليلاً على روحه القتالية.
وبعد فترة وجيزة من مغادرته منصبه، عاد ليدير إمبراطورية أعماله وأسرته.
فضيحة فساد
بعد إقالة “مبارك” من منصبه، ظهرت فضيحة تتعلق بشركة عائلة “منصور”، مهددة بحرمانه من السلطة والثروة التي كان يتمتع بها لفترة طويلة.
واتهم “منصور” بالشراكة مع ابن عمه “أحمد المغربي”، الذي شغل منصب وزير الإسكان في عهد “مبارك”، لشراء آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي لبناء مجمع سكني بجزء بسيط من سعر السوق.
تعود القضية إلى عام 2007، عندما بيعت قطعة أرض على جزيرة في النيل بأسوان لشركة مملوكة لـ”منصور” و”المغربي” مقابل أقل بكثير من عرض منافس قدمه مستثمر ليبي.
وكان “المغربي” قد استغل نفوذه للحصول على الأرض، لكن سرعان ما تم الكشف عن القضية؛ مما دفع مبارك إلى مطالبة محافظ أسوان بسحب قطعة الأرض وإعادتها إلى السوق بقيمتها الحقيقية.
ولم تصل القضية إلى المحاكم لكنها أثيرت في البرلمان.
لكن في عام 2011، حُكم على “المغربي” بالسجن 5 سنوات لتيسيره استحواذ رجل أعمال آخر على قطعة أرض أخرى.
ووجد بحث أجراه مكتب الصحافة الاستقصائية أن مصرف “HSBC” وفر مئات الملايين من الدولارات لـ”منصور” وابن عمه في تلك الصفقات.
وذهب “ستيفن جرين”، رئيس مجلس إدارة البنك في ذلك الوقت، للعمل كوزير في حكومة الائتلاف المحافظ البريطاني بزعامة “ديفيد كاميرون” وأصبح الآن أحد النبلاء البريطانيين.
بعدها اختفى “منصور” من الأخبار، ليعود للظهور مرة أخرى في مارس/آذار من هذا العام عندما ظهر أنه مهتم بشراء نادي تشيلسي لكرة القدم من الروسي “رومان أبراموفيتش”.
وقال “منصور”، في لقاء مع خريجين من جامعته، جامعة ولاية كارولينا الشمالية، في مايو/أيار الماضي: “عندما تحصل على فرصتك الثانية، اغتنمها ، وتعلم منها وكن ممتنًا لها”.
لذلك، في مصر، يقول المراقبون إن “منصور” سيستخدم اتصالاته مع مجتمع الأعمال في المملكة المتحدة وأماكن أخرى للنجاح في دوره الجديد كأمين صندوق لحزب المحافظين.
المصدر | ميدل إيست آي