الاتحاد الأوروبي: حرب أوكرانيا استنفدت مخزوناتنا العسكرية
قال منسق الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن المخزونات العسكرية لدول الاتحاد “استنفدت” بسبب حرب أوكرانيا، معتبراً أن التكتل “يفتقر إلى القدرات الدفاعية اللازمة” لحمايته من التهديدات المستقبلية.
وأضاف بوريل أن حرب أوكرانيا، أظهرت “ما تعانيه مخزوناتنا العسكرية من عدم الكفاية”، و”هشاشة سلاسل توريدنا”.
وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، اعتبر، أنه على الرغم من ذلك فإن التعاون الأوروبي في مجال الأمن والدفاع “بدأ يؤتي ثماره”، مشيراً إلى تكليف وكالة الدفاع الأوروبية بـ “مساعدة الدول الأعضاء في الاتحاد على تطوير قدراتها الدفاعية بمنهجية أكثر تعاوناً، ودعم بحوث وصناعة الدفاع من أجل بناء المزيد من القدرات الدفاعية”.
وذكر بوريل في مقال على موقع الاتحاد، أن وكالة الدفاع الأوروبية نشرت هذا الأسبوع “وثيقتين مهمتين هما “تقرير بيانات الدفاع 2020 ـ 2021″، و”إصدار 2022 من مراجعة شؤون الدفاع الأوروبية”.
واعتبر أن الوثيقتين ذات “أهمية بالغة لفهم المشهد الدفاعي الأوروبي”، لافتاً إلى أنه “قد تم منح الوضع الجيوسياسي الحالي للوثيقتين مزيداً من الأهمية”.
وأوضح أن “نقطة بداية نقاشاتنا هي الحرب الروسية على أوكرانيا”، مؤكداً أهمية “دعم أوكرانيا، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، حتى تتمكن من طرد الغزاة”، مشدداً على وجوب أن “نكون قادرين على الاضطلاع بهذا الدور وفقاً لما تقتضيه الضرورة حتى يتحقق النصر لأوكرانيا”.
ووصف المسؤول الأوروبي هذه الحرب بـ”جرس إنذار”، فيما يتعلق بقدرات الاتحاد الأوروبي العسكرية، وقال “لم نأل جهداً في توفير السلاح لأوكرانيا. ولكن أدركنا أن مخزوناتنا العسكرية قد استنفدت”، و”أننا نفتقر إلى القدرات الدفاعية المهمة لحماية أنفسنا من المستوى الأعلى من التهديدات التي تطال القارة الأوروبية ذاتها”.
ووفقاً لبيانات وكالة الدفاع الأوروبية، فقد ارتفع حجم الإنفاق الدفاعي داخل الاتحاد الأوروبي في عام 2021 إلى 214 مليار يورو، وهي زيادة تعادل 6% مقارنة بعام 2020، وأقوى معدل نمو سنوي منذ عام 2015.
واعتبر بوريل أن هذه الأرقام “لا تزال بعيدة كل البعد عن نسبة الـ2% التي يضعها حلف شمال الأطلسي (الناتو) كمعيار للدول الأعضاء”.
وزاد: “هناك فارق كبير بين الدول الأعضاء بشكل عام، إذ تنفق الدول الأعضاء 1.5% في المتوسط من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، فيما زادت 5 دول إنفاقها الدفاعي بنسبة 20% أو أكثر العام الماضي، من بينها واحدة بنسبة 42%”.
واعتبر أنه “من الجيد أن تظهر تقارير وكالة الدفاع الأوروبية أنه في العام الماضي شهدنا مستوى قياسياً من الاستثمارات الدفاعية بـ52 مليار يورو، والتي تعادل 24% من إجمالي الإنفاق الدفاعي، كما أنها وللعام الثالث على التوالي، تجاوزنا معيار الـ20% المتفق عليه”.
وأكد أن “19 دولة عضو حققت هذا المعيار، وهو أعلى رقم منذ بدأت وكالة الدفاع الأوروبية جمع البيانات، وبزيادة 5 دول مقارنة بعام 2020”.
تعاون دفاعي غير كاف
وأشار جوزيب بوريل إلى “ارتفاع مستوى الإنفاق على أبحاث وتكنولوجيا الدفاع، إذ وصلت إلى 3.6 مليار يورو، أي ما يعادل 41% مقارنة بالعام الماضي، و3 أضعاف ما كان عليه في عام 2016 الذي عانى الإنفاق على أبحاث وتكنولوجيا الدفاع من تراجع تاريخي”.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في المقال، إنه “عندما ننظر إلى التعاون الدفاعي، فلقد وصلت مشتريات معدات الدفاع التعاونية في عام 2021 إلى 7.9 مليار يورو، ما يمثل 18% من إجمالي الإنفاق على شراء المعدات”، معتبراً أن “هذه زيادة مهمة مقارنة بـ11% في عام 2020، ولكننا لا نزال بعيدين كل البعد عن المعيار المتفق عليه، والذي يبلغ 35%”، واصفاً ذلك بالجانب “الأقل إيجابية”.
وشدد على أن هذه “الأرقام تخبرنا أننا نؤدي بشكل أفضل، ولكن ليس بما يكفي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعاون”، داعياً إلى “تلبية احتياجاتنا على المدى القصير عن طريق الاستثمار والشراء المشترك بدرجة أكبر، إذ كشفت 10 أشهر من الحرب والدعم لأوكرانيا ما تعانيه مخزوناتنا من عدم الكفاية، وسلاسل توريدنا من هشاشة”.
ولفت إلى أن “فرقة العمل المشتركة للمشتريات وهي (الوكالة الأوروبية للدفاع، والدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية، والمفوضية) تعمل مع الدول الأعضاء لتجميع احتياجاتهم وتحديد الفرص الواقعية للمشتريات المشتركة، لكل من الذخيرة والمعدات”.
وأكد أن الفرقة تواصلت مع “قطاع الصناعات الدفاعية، وطلبت من الشركات المعنية تقديم معلومات عن طاقاتها الإنتاجية.. واقترحت المفوضية أيضاً آلية جديدة للاتحاد الأوروبي (EDIRPA) لتسهيل وتحفيز المشتريات المشتركة بمبلغ 500 مليون يورو في الفترة 2022 ـ 2024”.
وأعلن أن هناك “نوايا ملموسة للغاية لدى الدول الأعضاء للشراء المشترك، ولكنها بحاجة إلى ترجمتها إلى أوامر شراء، عاجلاً وليس آجلاً، لأن الكلمات المنمقة لا تكفي”.
تهديدات أمنية مستقبلية
وشدد على جوزيب بوريل على أن الاتحاد الأوروبي “يواجه تهديدات مستقبلية”، مؤكداً على حاجة أوروبا إلى “الاضطلاع بمزيد من المسؤوليات من أجل أمنها. ولتحقيق ذلك، لابد لمزيد من التعاون لتجهيز أنفسنا بالقدرات الدفاعية التي نحتاج إليها”.
وذكر أن “تقرير المراجعة السنوية المنسقة لعام 2022 بشأن الدفاع (CARD) يظهر أن أقل من 20% من إجمالي الاستثمار في برامج الدفاع يتم بالتعاون”، معرباً عن أسفه من أن “التعاون الدفاعي يبقى استثناءً وليس قاعدة”.
ودعا بوريل إلى “منع التشرذم وتعميق التماسك من خلال وضع الدول الأعضاء خططها الوطنية من خلال منظور الاتحاد الأوروبي”، مشدداً على وجوب أن “تخطط وتطور قدراتها على التعاون وبشكل منهجي”.
وأفاد بوريل بأن المفوضية “خصصت 1.2 مليار يورو للدفعة الأولى من 61 مشروعاً في إطار صندوق الدفاع الأوروبي لبحوث وتطوير الدفاع التعاوني”، لافتاً إلى أن “هذه المشروعات تتضمن الجيل القادم من الطائرات المقاتلة والمركبات المدرعة والسفن، إلى جانب تقنيات الدفاع المهمة في مجالات الفضاء أو الفضاء السيبراني أو السحابة العسكرية أو الذكاء الاصطناعي”.
وأضاف: “نقف الآن عند نقطة تحول. ففي العام المقبل يتعين علينا الوصول إلى نقطة التعافي”. “هذا هو الوقت الذي سنعوض فيه سنوات من نقص الإنفاق، وسنكون قادرين على تحويل تركيزنا من إصلاح الماضي إلى البدء في الفوز بالمستقبل”.
تنسيق الإنفاق العسكري
وأشار وزير خارجية الاتحاد الأوروبي إلى أنه “إذا تم تطبيق جميع زيادات الإنفاق المعلنة، فإن إجمالي الإنفاق الدفاعي للاتحاد الأوروبي سينمو بمقدار 70 مليار يورو أخرى بحلول عام 2025”.
واعتبر أن “هذه الخطط تقدم فرصاً هائلة، إلا أنها ستكون غير ذات جدوى إذا تم إنفاق الأموال دون تنسيق، أو إذا ركزت القرارات الوطنية فقط على الاحتياجات الحالية التي تعتمد على عمليات الاستحواذ الجاهزة، إذ سيساعد هذا على استدامة تشظي القدرات الذي يعاني منه الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي”.
وشدد على الحاجة إلى “تحقيق التوازن الصحيح بين إصلاح نقص الإنفاق في الماضي، وتلبية الاحتياجات الحالية، وكذلك الاستعداد للمستقبل”.
وأكد أن “الاستنتاجات العامة واضحة، وهذه هي الرسالة التي سأوجهها إلى القادة الأوروبيين في قمة الاتحاد الأوروبي، الأسبوع المقبل”، “التهديدات التي نواجهها حقيقية وقريبة وتوشك أن تزداد سوءاً”.
وزاد: “في الوقت نفسه فإن كل شيء جاهز لتحقيق قفزة إلى الأمام على مستوى التعاون الدفاعي، فلدينا الأفكار والأموال وأطر عمل الاتحاد الأوروبي، ووكالة الدفاع الأوروبية، التي تم إنشائها بالأساس كمنتدى لتعزيز التعاون الدفاعي. ونحن بحاجة إلى اتخاذ إجراء، ما يتطلب دفعة سياسية من الأعلى، من رؤساء ورؤساء وزراء الاتحاد الأوروبي”.