د. ايمان ابراهيم تكتب: سلوك الطفل وعلاقته بغضب الأم

عادة ما ننظر إلى الغضب على أنه شيء سلبى والحقيقة أن الغضب لا يكون دائمًا سلبى،إذا ما تم النظر اليه بشكل إيجابي ومحاولة الاستفادة من الأسباب التي أدت اليه ومحاولة علاجها، لاسيما غضب الأم لما يترتب عليه من آثار سلبية في تنشئة الأطفال وبناء الأسرة والمجتمعباعتبارها المربية والحاضنة لهم.
فالغضب عبارة عن مشاعر انفعالية تولد طاقة كبيرة تؤدى إلى زيادة إفراز الأدرنالين بالجسموهو الهرمون المسؤول عن المشاعر السلبية مثل الغضب، العصبية، الحزن، القلق، عدم الأمان، الخوف، الانفعال…
فالغضب له أنواع مختلفة حيث قسمة الدكتور إبراهيم الفقي إلى ثلاثة أنواع وهى:
• الغضب السلبى:
وهو الذى يحدث دون الحصول على المنفعة كأن تقوم الأم بالصراخ وربما ضرب الطفل نتيجة تناوله لبعض ثمار الفاكهة بالقشر مثل الموز دون الخروج من الموقف أو المشكلة بعلاج هذا السلوك الخطأ.
• الغضبالإيجابي:
وهو الذى يأتي بالمنفعة ويكون محفز للحصول على ما نريد ويكون من خلال التفكير في حل المشكلة عن طريق توجيه الطفل لكيفية تناول تلك الفاكهة بطريقة سليمة من خلال تقشيرها وامساكها بشكل صحيح مثلًا بدلاً من الصراخ…
• الغضب العنيف:
وهو أسوء أنواع الغضب والذى ربما يتسبب في أضرار مادية أو جسمانية نتيجة بعض التصرفات العنيفة مثل ضرب الطفل مما يؤثر على نفسيته بالسلب أو تكسير بعض الأشياء في المنزل…
وهناك بعض الأسباب الحقيقية وراء غضب الأم:
ربما يكون لعدم تقبلها لبعض سلوكيات طفلها نتيجة بعض العوامل الأخرى التي تؤكد أن سلوك الطفل ليس له دخل بغضبها وانما هو ناتج عن أسباب أخرى مثل:
عدم التوقع: كأن يقوم الطفل بالرد على أمه بشكل غير لائق لم تتوقعه وعندها تغضب وتثور لشعورها بالإهانة والخوف من فقد مكانتها عند الطفل.
الصورة النمطية: التي يضعها المجتمع للطفل المثالي من خلال مجموعة من المعايير مثل الطاعة واحترام الآخرين وغيرها وعندها ترسم الأم صورة لطفلهاتتجسد في تلك المعايير التي وضعت للطفل المثالي كأن يكون الطفل مطيع ومؤدب وينفذ ما تريده بمجرد النظر اليه لاسيما كان ذلكفي وجود الآخرين لكى تصبح الأم فخورة بطفلها وتربيته وجميع الحضور يمدحها أماإذا حدث العكس ولم يستجيب الطفل لأمه هنا تبدو علامات الغضب والثورة عليها والتي ربما تبدأ بالنظرة الحادة للطفل وربما توجيه بعض العبارات مثل (ماشي بس لما نروح- هوريك…).
ولكن التساؤل هنا هل غضب الأم يكون نتيجة عدم تنفيذ الطفل لما أرادته منه؟ بالقطعلا ولكن نتيجةالصورة النمطية التي رسمها المجتمع للطفل المؤدب وما استشعرته الأم من حرج في وجود الآخرين ربما نتيجة بعض تعليقاتهم السلبيةواتهامها بإهمال تربيته طفلها.
إذن فالغضب هنا ناتج عن اهتزاز صورة الأم أمام الآخرين والدليل على ذلك أن بعض هذهالسلوكيات التي قام بها الطفل أمام الآخرين تحدث في المنزل ولم تغضبها لعدم وجود طرف آخر يتسبب في إحراجها.
متابعة الأم لبعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي:
حيث تقوم تلك الصفحات بتقديم بعض النصائح والقواعد الخاصة بتربية الطفل والتي ربما يختلف تطبيقها من طفل لآخر فمثلًا مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن التغذية السليمة للطفل فتحاول الآم تطبيق تلك النصائح على طفلها كأن ترغب في أن يتناول وجبة غذائية تحتوى على الخضراوات والبروتين في حين أنه لا يتقبل ذلك على الإطلاق وهو ما يجعلها تثور وتغضب.
هنا الأم لا تدرك أن طبيعة طفلها مختلفة عن طفل آخر وعليها أن تبحث عن حل المشكلة وفقًا لطبيعة الطفل بدلًا من الثورة والغضب والتعصب عليه كأن تقوم بتقديم البروتين والخضار بأشكال مختلفة لا يمكن للطفل التعرف عليها.
يبدوا لنا أن ما تسبب في غضب الأم وثورتها هو عدم تناول الطفل للطعام الذى ترغب فيه ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا فالسبب الرئيسي وراء غضبها هو تناولها للمعلومات الصحية المعروضة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بجمود مماأدى إلى شعورها بالإحباط والخوف على طفلها من سوء التغذية وما يترتب على ذلك من آثار سلبية بدلاً من التفكير في الحل وإيجاد البدائل.
نصائح لتجنب الغضب والتعصب على الطفل:
– غضب الأم وثورتهافي مثل هذه المواقف وغيرها ربما يكون بسبب عدم امتلاكها لبعض المعلومات والأسس التربوية التي تساعدها على علاجها بشكل إيجابي،ولهذا فمن الخطوات المهمة لعلاج الغضب هوأن تكوني واعية ولديكي قدر من المعلومات والثقافة التربوية التي تساعدك على عدم الغضب والتعصب على طفلك لاسيما في ظل سهولة الحصول على معلومات موثقة من خلال الانترنت.
– أن تنظري إلى الطفل بنظرة الأمومة وتستشعري مدى ضعفه واحتضانك له بين احشائك وأن تتجاهلي ردود فعل الآخرين نتيجة بعض التصرفات التي يقوم بها طفلك وابدئي بالحوار معه بشكل بناء وهادف يقوم على الاحترام المتبادل دون أي تعنيف أو ضرب،ومعرفة الأسباب التي دفعته لهذا السلوك الخطأ والعمل على تصويبها أو تلاشيها.
– تجنب مقارنة طفلك بالآخرين خاصًة في محيط العائلة لما يترتب على ذلك من آثار سلبية شديدة تثير غضبك وانفعالك.
– تدعيم وإظهار كل ما هو إيجابي في شخصية طفلك.
– إيجاد حوار مشترك بينك وبين طفلك من خلال الاهتمام بالجوانب التي تسعده؟
– أن تتخلصي من شعورك بامتلاك طفلك وكونى حريصة في تربيته على أن يكون شخص مستقل وليس تابع لكِ في كل شيء ولا تتعاملي معه على أنه دوميه تحركينها كيفما شئتِوأن نضع في أذهاننا أن أبنائنا سيفارقوننا سواء كان ذلك بإرادتنا أو رغمًا عنا “هيسيبونا هيسيبونا” وبهذا يمكن بناء انسان قوي ومستقل قادر على اكتساب أكبر قدر من التعلموالمهارات الحياتية ليستطيع مواجهة الحياة بشكل سليم وسعيد.
– الاستعانة بذوي الخبرة في التعامل مع بعض السلوكيات التي يصعب عليكِ مواجهتها.
– أن تقومي بمشاركة طفلك في الحياة اليومية والحرص على أخذ رأيه في بعض الأمور كأن يقوم باختيار ملابسه بنفسة مثلًا.
– معالجة بعض السلوكيات الخاطئة من خلال السرد القصصي لطفلك من خلال تناول بعض السلوكيات الخاطئة لتجنب وقوع طفلك فيها.
– المساوة بين اطفالك في كل شيء سواء كان ذلك ماديًا أو معنويًا لتجنب الغيرة والحقد بينهم الذى يبعث في نفسك الغضب والثورة.
– عدم توقع السلوك المثالي من طفلك لاسيما في وجود الآخرين.
– احترام الحالة النفسية والمزاجية للطفل ولو تسبب ذلك في بعض الضغوط.
– اختيار البيئة المناسبة التي ينشأ فيها طفلك من أصدقاء وأماكن (حضانة – مدرسة- نادى)
– حث المحيطين على احترام طفلك وسماع وجهة نظره.
وفى النهاية لكى تتمكنيعزيزتي الأم من القيام بدورك تجاه طفلك بشكل جيدعليكِ بتفريغ شحنة الغضب التي تشعرين بها قبل خلودك للنوم من خلال الاهتمام بنفسك وممارسة أي شيء يسعدك مهما كان فالسعادة تكمن في الأشياء البسيطة، فإسعادك لنفسك ينعكس على سعادة طفلك وأسرتك بأكملها فكونى أنت ولو قليلاً من الوقت، وبهذا تستقبلين يوماً جديدًا بطاقة إجابيه تعينك على بناء واستيعاب طفل سعيد وسوى، وأم وأسرة أكثر سعادة قادرة على مواجهة ضغوط الحياة حفظ الله أبنائنا جميعًا وجعلهم قرة أعين لنا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى