رجب الشرنوبي.. يكتب: سفينة الزمن القادم!!
إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للتعبئة العامة الجزئية في روسياً..قرار خطير وخطوة تصعيدية كانت متوقعة من جانب بوتين..مع زيادة وتيرة الدعم الأمريكي والغربي لأوكرانيا في الأشهر والأسابيع الأخيرة..هذا الدعم المستمر لأوكرانيا مكنها من تحقيق بعض الإنتصارات في الشرق..كما تمكنت من إستعادة بعض المواقع والمدن التي كانت في حوزة الروس.
هذه النجاحات المؤقتة ولدت لدي الأوكرانيين الأمل في إمكانية حسم المعركة،مقترنة مع رغبة أمريكية وغربية في كبح الجماح الروسي..تزامنا من نجاحهم في الإستفادة من صادرات الأسلحة الأمريكية لهم..مامكنهم من عمل عدة مناوشات في الجنوب الواقع تحت سيطرة الروس منذ عام 2014.
ردود الأفعال التي صدرت عن العاصمة الأمريكية وعدد من العواصم الغربي لاتبشر بالخير في الأيام القادمة..درجات متفاوتة من التحدي للقرار الروسي ظهرت بوضوح في بيانات الحكومات الغربية..مايعني أننا أمام إختبار حقيقي للأمن والسلم العالمي..وسط هذه الجولات من إستعراض القوي بين الأقطاب الدولية.
تداعيات متنوعة سياسية وإقتصادية وإجتماعية أكثر شدة،ربما تشهدها الساحة الدولية في الأيام والأسابيع القادمة،بدأت بلقلق متزايد في أسواق المال وإرتفاعات غير مسبوقة للدولار الأمريكي مع الساعات الأولي للقرار.
بوتين أستدعي أكثر من ثلاثمائة ألف من جنود الإحتياط،ضغوط أمريكية وغربية يقودها جوبايدن تشهدها جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة..تُحمل الرئيس الروسي مسئولية مايحدث من إنتهاكات روسية للأمن والسلم الدوليين.
وسط هذه التنبؤات الكارثية وبعد ركود إقتصادي لأكثر من عامين متتاليين بسبب فيروس كورونا..تدفع الدول النامية مرة أخري ثمن باهظ لأحداث لم يكن لها أي ذنب فيها،إقتصاديات هذه الدول الضعيفة لاتتحمل مزيداً من الصدمات، في ظل ماتعانية كثيراً منها من موجات الإرهاب الأسود،الذي تقف وراءه وتسانده خلف الستار بعض هذه القوي الدولية.
فاتورة أمنية وإقتصادية وإجتماعية تتحملها العديد من هذه الكيانات الضعيفة..التي تسعي بكل طاقتها إلي تدبير مجرد جزء من إحتياجتها الأساسية..في ظل وجود فوائد ضخمة للديون المتراكمة منذ عقود ترهق موازنتها العامة.
إدارة الأزمات والقراءة المتأنية الهادئة للأحداث في المحيط الإقليمي والدولي، أصبحت وبعد مرور هذه السنوات الأخيرة سمة من أهم سمات إدارة دفة الأمور في مصر، يوماً بعد يوم يُثبت مجري الأحداث أن قيادة الدولة ومؤسساتها السيادية،لديهم من المعطيات والتفاصيل الغير معلنة، مايبرهن عن عمق الرؤية والتقدير المناسب للكثير من هذه الأحداث،هذا السيناريو الذي نتابعه من الأحداث المتتالية، يعطي إنطباعات وتفسيرات مطمئنة بلا شك عن بعض القرارات والتدابير..التي ربما لم تكن واضحة للبعض الوضوح الكافي في وقتها.
بداية من إعطاء شارة البدء في حفر القناة الجديدة، وصولاً لإحتياطي آمن من المحاصيل الإسترتيجية والسلع الغذائية، مروراً بعشرات التدابير والقرارات التي إتخذتها قيادة الدولة، تُرجمت في صورة برامج عمل تنتهجها وتعمل عليها مؤسسات الدولة، تغطي كل محاور العمل الداخلي والخارجي للدولة، في ظل وجود حزم متنوعة من التحديات المختلفة.. تمضي مصر في رحلتها مع البناء والتنمية التي بدأتها منذ ثمان سنوات.
لاشك أننا سنشهد في خلال سنوات قريبة وربما عدة أشهر ملامح النظام الدولي الجديد..بعد جولات من إستعراض القوي بين الأقطاب التقليدية التي تقودها الولايات المتحدة..الإتحاد الأوروبي بعد الخروج البريطاني منه وتضارب المصالح بين أذرعة الرئيسية، لم يعد بنفس القوة التي كان عليها قبل عدة سنوات، الإنصياع البريطاني الصريح للولايات المتحدة يزيدها بطشاً فوق جبروتها.
تحالف المصالح الروسية الصينية الذي يزداد قوة يوماً بعد يوم..سواء كانت المصلحة المشتركة بينهم،في صورة تعاون ثنائي أو من خلال أحلاف سياسية وإقتصادية دولية وإقليمية، الأزمات والقضايا الدولية التي تشهدها أكثر من منطقة صراع ساخنة،الحروب الإقتصادية والمعلوماتية التي لاتهدأ بين هذه القوي مجتمعة، أحاديث بدأت تتسرب عبر منصات السياسة العالمية، عن تعديلات في بعض المنظمات الدولية مجلس الأمن واحد منها.
كل هذه المؤشرات وغيرها كثير يؤكد أننا أمام عالم جديد لم تتضح ملامحه بعد، هل يكون للعالم العربي مكانته المناسبة في هذا العالم الجديد؟! هل تكون الجامعة العربية أحد المنظمات الإقليمية الفاعلة علي خريطة السياسة الدولية؟!
هذا ماتجيبنا عنه الأيام القادمة خصوصاً ونحن أمام محاولات يبدو أنها أكثر جدية..من بعض القيادات العربية التي تبدي رغبة حقيقية في هذا الإتجاه..نتمني أن تكون القمم العربية التي عقدت في أكثر من عاصمة عربية، أمام هذا العراك الدولي بداية حقيقية لكي يصبح الحلم العربي واقع نعيشه ويشهد عليه الزمن القادم.