بلد معروض للبيع .. بقلم الكاتب اليمنى زكريا الكمالي

هل تنتظر الحكومة لكي تدافع عن سيادتها أن تقرأ إعلاناً في إحدى الصحف بعنوان “هذا البلد معروض للبيع… بلد مستخدم نظيف”!

استحداث قاعدة جوية إماراتية بجزيرة ميون أو تسيير رحلات جوية دون ترخيص من الحكومة الشرعية نتاج طبيعي لهشاشة الدولة وغيابها!

شرعية مهترئة لم تفرط بأراضي اليمن وتجعلها مستباحة لتدخلات الخارج وعبث الداخل فقط بل أهانت القرارات الجمهورية والسيادية.

* * *

لم يتبقَ سوى أن يخرج شهداء الثورات اليمنية لمطالبة الحكومة بإيضاحات حول القاعدة الجوية الغامضة في جزيرة ميون، حينها يمكن أن تجد سبباً مقنعاً للخروج ببيان أو مؤتمر صحافي تشرح فيه ما لديها من معلومات أو تقول “الحال من بعضه” فليس هناك ما يستدعي الحرج.

إذا كانت الأنباء المتواترة عن انتهاك السيادة اليمنية لا تجد أدنى اهتمام من حكومة يفترض أنها تذود عن البلد وأراضيه من كافة مشاريع التقسيم والمليشيات المتربصة، فما هو الحدث الجلل الذي سيكون أشد وطأة من هذا، سيجعلها يا ترى تفيق من سباتها الطويل؟

هل تنتظر الحكومة لكي تدافع عن سيادتها أن تقرأ إعلاناً في إحدى الصحف بعنوان “هذا البلد معروض للبيع… بلد مستخدم نظيف”.

بعد أيام من الاستجواب الذي وجّهه رئيس البرلمان سلطان البركاني للحكومة، للرد على الاستفسارات الخاصة بما يجري في جزيرتي سيئون وسقطرى، طالب رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر الحكومة بإجابات حول “الأخبار المتواترة التي خلقت قلقاً وطنياً ينمو ويتزايد مع الأيام” بشأن السيادة الوطنية، ومع ذلك لم تجد هذه المؤسسات التشريعية الشرعية أي رد.

صحيح أنه “لا يُفتى ومالك في المدينة”، ولن تقول الحكومة الشرعية شيئاً بعد ما قاله التحالف بقيادة السعودية أو تخالف ما قيل، لكن كان يفترض، من باب أنكم مؤسسات شرعية، أن تجاملوا بعضكم بعضاً ولو بمجرد مذكرات مكتوبة، خصوصاً أن مجلسي النواب والشورى يقدّران الظروف ولم يطالبا بعقد جلسة طارئة مشتركة لهيئات الدولة الثلاث داخل الأراضي اليمنية.

كل ما يجري من أنباء عن استحداث قاعدة جوية إماراتية في جزيرة ميون، أو تسيير رحلات جوية من دون الحصول على ترخيص من الحكومة الشرعية، هو نتاج طبيعي لهشاشة الدولة وغيابها عن الأرض منذ ستّ سنوات، وكل ما يقال عن منع الرئيس عبدربه منصور هادي من العودة إلى عدن مجرد تصريحات للاستهلاك، فالرئيس “مستأنس” في الرياض، ولا يريد العودة أصلاً.

شرعية مهترئة، لم تفرط بأراضي اليمن وتجعلها مستباحة لتدخلات الخارج وعبث الداخل فحسب، بل أهانت القرارات الجمهورية، وجعلت القرارات السيادية التي يفترض ألا تصدر إلا ممهورة بتوقيع الرجل الأول في البلاد، تصدر بتوقيع أمراء حروب وزعماء مليشيات مسلحة في الجنوب والشمال.

في ظل سلطة رخوة كهذه، يبدو أن الأمور ستنزلق إلى مستنقعات أكبر، وأن الضجيج الحاصل على ضياع السيادة، سيكون مضاعفاً بعد أيام عندما ترضخ الشرعية والتحالف للشروط الحوثية الخاصة برفع الحظر الجوي الكامل عن مطار صنعاء الدولي من دون تحديد وجهات الرحلات.

ساعتها ستكون السيادة أيضاً قد تبخرت بعد إقلاع رحلات مباشرة من صنعاء إلى طهران أو دمشق أو بيروت.

*  كاتب صحفي يمني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى