علماء الدين والاجتماع : الزواج بالمساكنة مصطلح لطيف للزنا
تحقيق : راما الحلوجي
كشفت دراسة استقصائية أجريت عام 2008 للكشف عن أسباب الزواج بالمساكنة عن أن ( 60 % ) من كل الزيجات تسبقها فترة مساكنة .
وذكرت إن معظم الأشخاص المنخرطين في علاقة دون زواج ، لديهم قناعة بضرورة قضاء المزيد من الوقت معا قبل الإرتباط الرسمي لإختبار مدى نجاح علاقتهم، في حين ذكر قليلون أن السبب بعدم إيمانهم بفكرة الزواج يعود للمغالاة فى إرتفاع تكاليف السكن مقارنة بقلة الموارد و الميزانيات ، وأيضا لاختبار مدى التوافق مع الشريك، دون أن يضطروا لتكبد آثار قانونية إن أرادوا إلطلاق أو الإنفصال ، ومن هنا فتحت جريدة الأمة بابا للمتخصصين لمناقشة أسباب إنتشار هذه الثقافة المخالفة للشرع والقانون
بداية أكد الدكتور ابو العز البرقوقي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر سابقا إن إنتشار هذه الثقافة فى مجتماعتنا الإسلامية ، يعود لغزو ثقافات الغرب الجنسية عبر وسائل التواصل الإجتماعي المتاحة للجميع ، وهو مايجعله يعتقد بوجود مخطط خبيث لاستغلال جهل الشباب من الجنسين بتعاليم دينهم ، ليتم خلط الحرام بالحلال تحت مسمّي حقوق المرأة وحقوق الإنسان ، حتى يكون له قبول ديني واجتماعي ، مشيرا إلى إن انتشار مثل هذه المفاهيم المضللة ، يؤدي إلى الوقوع فى الرذيلة تحت مسمّيات مختلفة، مثل ضرورة التجربة لتحقيق التوافق النفسي والجنسي بين الرجل والمرأة قبل أن تصبغ علاقتهما بالصبغة الرسمية ، لافتا إلي إن هذه العلاقة غالباً مايتم أخذ الحذر فيها لتفادي حدوث حمل قبل الزواج الشرعي الذي يتقبله المجتمع.
وتابع قائلا أن الكارثة الكبرى إن الفتاة التى تزوجت بالمساكنة تلجأ لإجراء عملية ترقيع لغشاء البكارة عند زواجها شرعا من رجل اخر ، وهو ما يعد خديعة للرجل الثاني ، فتبدأ حياتها الجديده بالخداع والتزوير الذى يتنافي مع طبيعة العلاقة بين الزوجين ، التي من المفروض أن تقوم علي الصراحة والوضوح ، وذلكاستناداً لفتاوى بعض شيوخ المرتزقه الذين لا يمانعون إطلاق فتاوى علي هوى صاحب العمل ، متعجبا من تحليل هذه العلاقات والترويج لها من خلال ان الفتاة التي قررت إنهاء العلاقات لن تحمل لقب مطلقة ، ولا يتحتم علي الرجل اى توابع لفسخ او إنهاء العلاقة ، وهو ما يشجع الشباب من الجنسين علي الإقدام على هذه العلاقة الآثمة دون تأنيب ضمير ، حيث يرون إنها أفضل من الدخول في زواج رسمي قد يكون عرضة للفشل يترتب عليه مسئوليات مادية
وفي هذا الإطار قال دكتور محمد الصايغ أستاذ علم الإجتماع ان الزواج بالمساكنه هو إتفاق بين طرفين أو أكثر دون زواج ، ويتم فيه تحديد حقوق وواجبات كل طرف ، مشيرا إلي أن هذا الزواج يعد نوعا من التحايل القانوني التي يستخدمه البعض لتجنب مسئوليات الزواج ومشاكل ما بعد الطلاق ، فضلا لانتشار البطالة بين الشباب، وعدم قدرتهم على تحمل المسؤوليات الحياتية، وهو ما أدى إلى عزوفهم عن الزواج الذي بدأ يرهق كاهلهم ، مشيرا لإنتشارها بكثرة في المجتمعات الغربية، ومنها إلى المجتمعات العربية ، لتنهش منظومة القيم والأخلاق التي نشأت وتربت عليها الأجيال الجديدة
وتابع قائلا أنه في ظل الانفتاح الفضائي وسهولة تناقل الثقافات ، اعتاد البعض تقليد الغرب تقليدا أعمى تحت مسمى الانفتاح والعولمة والحرية سعياً الى التمرد علي التقاليد والأعراف والقيود، فذهب البعض للمطالبة بضرورة التعارف بين الجنسين بالمعاشرة لمدة معينة يحددها الطرفان ثم يتم تحويلها للشكل الرسمي إذا حدث توافق بينهما او يتم الإنفصال بهدوء، مشيرا إلى ان من أهم اسباب إنتشار هذا الزواج ايضا ، هو تغير وجهات النظر الاجتماعية التي أنتشلت المرأة من معاناتها لإسترداد حقوقها وحقوق أطفالها بعد وقوع الطلاق، فضلا عن ارتفاع أصوات المطالبين بحرية المرأة في تحقيق رغباتها .
وأكمل أن ارتفاع معدلات المساكنة يشكل جزءا كبيرا من تغيرات اجتماعية رئيسية أخرى مثل ارتفاع معدل الطلاق، وإرتفاع السن عند الزواج والإنجاب، وتغيير الأفكار المتعلقه بالأخلاقيات الجنسية ، مثل إنهاء تجريم ممارسة الجنس دون زواج وهو مايطلق عليه (الزنا )، وتجريم الاغتصاب الزوجي، ما أسفر عن مفاهيم جديدة تتعلق بدور التفاعل الجنسي والغرض منه، كذلك شكلت الأراء التى تتكلم عن حقوق المرأة مفهوما إجتماعيا جديدا يعطيها حرية تقرير مصيرها والتعامل مع معطيات الحياة الشرقية بمفهوم غربي ، وهذا ما ساعد في خلق نظم قانونية واجتماعيةمستحدثة علي القانون المصرى ، دفع البعض للشعور بأن الزواج غير ضروري أو أنه نظام عقيم لا يصلح لوقتنا هذا
وعلى الجانب الاقتصادي قال دكتور عبداللاه مرقص استاذ علم الإقتصاد ،يرى إن حاجه الطرفين من الشباب الي توفير المال ، فضلا إليغلاء المهور ، والأسعار النارية للشقق والأثاث وإرتفاع تكاليف الزواجهو ما ساهم في إنتشار هذا الشكل من العلاقات ، موضحا أن الأفراد ذوى الدخل الضعيف الذين يعانون من تأخير الزواج ،بسبب الخوف من توابعه المادية إذا انتهى الحال بهم إلى الطلاق ،يلجأؤون لهذا النوع من الزواج للتمتع بعلاقة جنسية مع تجنب المسؤلية ، و يرى إنه على الدولة إتخاذ إجراءات إقتصادية تحد من الضغوط المالية التى تشكل عبئا علي الشباب ، وتساعد فى معالجة الأوضاع الاجتماعية المختلفة والمستحدثة ، خاصة ان الدولة يقع علي عاتقها مسئولية ما ألت إلية الأمور في المجتمع المصرى ، نتيجة الأعباء المادية التي تفرضها علي الشباب ، مناشدا الأسر المصرية بضرورة تيسير طلباتهم علي الشباب وعدمتعسير الحلال من خلال أعراف بالية، حتي لا يكون الحل الأسهل لإشباع الغريزة الفطرية باللجوء إلى الحرام ومحاولة البحث عن مسمى يجعله مقبولا اجتماعياً.
وتابع قائلا إن على الفتاة التي تقبل بهذا الزواج ، بالتريث قليلا والتفكير في أولادها إذا كتب لها الإنجاب قبل ان تفكر فى نفسها ، وتسأل نفسها كيف عليها ان تواجه مجتمعاً ذكورياً يغفر للرجل فقط خطيئته…وما هو مصيرها إذا تركها الرجل بحجة أنه لم يتوافق معها …وكيف ستواجه المجتمع بعدما فقدت عذريتها وشرفها وكرامتها ومعها طفل بلا أب؟ ، مشيرا إلى أن لكل علاقة بين رجل ومرأة حقوق و واجبات إذا اختلف الطرفانفى الزواج الرسمي ، إلا في العلاقات المحرمة فى الديانات السماوية ، فالمرأة وأولادها ، هم فقط من يدفعون الضريبة من السمعة والعرض وتربية الأبناء غير الشرعيين، واصفا المساكنة بمقصلة للمرأة وأهلها.