رجب الشرنوبي.. يكتب: بين واقعية شيرين وأحلام الأقزام تتشكل الهوية ويستقر الوجدان!!
لم تكن سوي كلمات بسيطة مخلصة وجهتها الدكتورة شيرين غالب إلي خريجات في عمر بناتها، لم تتخطي كلمات نقيب أطباء القاهرة مجرد النصيحة المخلصة.
قدمتها إلى عدد من الطالبات وهن يحتفلن يوم تخرجهن، شعرت الطبيبة النقيبة تجاههم بمسئولية للمجتمع وغلبتها عاطفة الأمومة الطبيعية، كأي أم مصرية تنصح بناتها بخلاصة تجاربها في الحياة، خصوصاً انهن مقبلات على حياتهن العملية بكل مصاعبها.
أثارت هذه الكلمات البسيطة حفيظة مدعيات الحداثة والدفاع عن حقوق المرأة، قامت الدنيا ولم تقعد لديهن ومن يتبعهن من قطيع التغريب في خلط واضح ينم عن نقص الإدراك والفهم الخاطيء وعدم التفريق بين التعدي على الحقوق الطبيعية والشرعية للمرأة وواجبات الأمومة.
أحد أنبل وأعظم مهامها المقدسة التي خُلقت من أجلها، ليس هذا فقط بل يرتكبن بحماقتهن جريمة تشويه الطبيعة النقية للمرأة والنيل منها، حملة ضارية شنتها ولازالت أشباه النساء من رائدات هذا الفكر المشوه، علي واحدة من أكثرهن نجاحاً وتحملاً للمسئولية تجاه أسرتها ووطنها، ظناً منهن أنهن صاحبات فكر مستنير وأنهن بذلك يُحسن صنعاً،
دكتور غالب لم تطرق من قريب أو بعيد لقضية عمل المرأة أو الانتقاص من حقوقها، بل فقط وجهت النصح لأمهات المستقبل بضرورة تنظيم حياتهن وترتيب أولوياتهن، بنهج يضمن لهن فرص النجاح والإستمتاع بحياتهن بشكل أفضل، من واقع تجربة حياتية واقعية عاشتها بنفسها وهي التي يُشار إليها الآن بالبنان، لكن علي ما يبدو ان كلمات السيدة الفاضلة وهي قيادية متميزة، تسببت في اصابة مُدعيات الحداثة بنوبة شديدة من البرد والسعال.
نقيب أطباء القاهرة لم تطلب من البنات بصيغة أو بآخري التخلي عن أياً من حقوق المرأة التي استطاعت أن تحصل عليها بعد عقود من الكفاح، هذه الحقوق التي ما كانت أن تنالها، دون إيمان الكثير من الرجال بها ومساندتها بشدة في هذه الحقوق.
فقط نصحت الطبيبة الناجحة بناتها ترتيب هذه الحقوق وعدم التخلي عن الواجبات، تجاه أسرهم المقبلة التي تمثل نواة صغيرة للمجتمع، إيماناً منها أن النجاح يبدأ من داخل المنزل ثم يأخذ طريقه إلي الخارج وليس العكس.
لم تدعوا إلي ردة نسائية ولم ترتكب جريمة في حق بنات جلدتها يستحق كل هذا الصخب وكل هذا العويل، مدعيات الحداثة ومن تدعي منهم بأنها من قيادات مسيرة نساء مصر، لاتؤمن بالأساس بهوية مجتمعاتنا العربية ومجتمعنا المصري علي وجه الخصوص.
أغلبهن يعانين من عقد أُسرية ونفسية مزمنة، تظهر علي خطواتهن بوضوح عوارض الشيزوفرينيا، علي من يشكك في صحة هذه الفرضية إجراء بحث ميداني عن الحالة الأسرية للكثير من هذه النماذج التي تملأ بالصخب والصراخ، متضمناً ما قدمته كل منهن من نتاج أسري هادف وبناء يمثل إضافة حقيقية للمجتمع.!!
نعي وندرك حينها الفرق بين أماً تحترم خصوصيتها وتعلم مواطن قوتها التي حاباها الله بها، تعمل وتنجح في صمت دون ضجيج وتربي كذلك للمجتمع أجيال، تعمل وتبني وتطور ذاتها تُضحي من أجله وتتحمل مسئوليته، وأخريات تملأ الدنيا صخب وصراخ وتري في الغرب قدوة لها، لا تعرف من الحداثة والحقوق إلا سهراتها وآخر صيحات الموضة ومشاعرها المرهفة وتربية الكلاب.!!
رفقاً بنا ياسادة كفوا عنا وعن زوجاتنا وبناتنا هذه النماذج المسيئة للفضليات من سيدات مصر، هذه هويتنا التي نفتخر بها ونستمد قوتنا منها تمثل بالنسبة لنا نحن كل شيء، نعم هي كل ما تبقي لنا من سيدات ورجال وبنات وأبناء وحفيدات وأحفاد الشعب المصري.
المرأة في هويتنا التي ورثناها عن آبائنا وفي معتقداتنا التي نؤمن بها تعني لنا كل شيء، المرأة كما عرفناها هي أم نُنجلها ونُقدرها، تربينا علي أيديها وتعلمنا منها الكثير ولم تكن تقرأ.
المرأة هي زوجة صالحة شاركتنا هموم الحياة وأعانتنا علي صعوبتها، زوجة تحملت معنا كل شيء نشعر بالجرم عندما نخطيء في حقها ولو عن دون قصد، المرأة هي أبنة علمناها علي أيدينا كي تكون شرف، واضافة للدنيا كلها وليس فقط لهذا الوطن، باختصار شديد المرأة في هويتنا هي عنوان للحياة تأتي تحته ومن بعده كل التفاصيل.
هويتنا بالنسبة لهؤلاء ليست سوي تابلوهات فنية جميلة، يقضين بعض أوقاتهن في الوقوف أمامها وإبداء بعض مظاهر الغزل والإعجاب بكلمات غربية وعلي أحسن الأحوال بلغة عربية ركيكة، تعبير عصري عن شدة انبهارهن بروعتها وعراقتها وهي مُعلقة على الأرفف والحوائط.!!
يعتبرونها هم أنفسهم بعد ذلك شيء آخر وهم يشاهدونها واقعاً حياً، يتحرك على الأرض يملأ الدنيا نشاطاً وحيوية معلناً عن جذوره، التي تضرب بقوة في عمق التاريخ آلاف السنين، لكنهم يرونها نمطاً من أنماط التخلف والرجعية يجب وئده والتخلص منه فوراً.!!