سياسي مصري بارز يكشف عن وساطات للمصالحة مع الإخوان

 

كشف عضو مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع، عن وجود وساطات وتدخلات خليجية وتركية منذ نحو شهرين لمحاولة إنهاء الأزمة بين جماعة الإخوان والنظام المصري.

وقال في مقابلة مع “عربي 21“، إن هناك ضغوطا بالفعل للقبول بمثل هذا الأمر، لكنه أضاف: “أبعاد وأشكال ونتائج هذه التدخلات والوساطات الخارجية لم تتضح بشكل جلي حتى الآن”.

وتحدث عن فرص نجاح تلك الوساطات: “من الوارد أن تنجح هذه المساعي، لكن نجاحها مرهون بتحوّل الإخوان لجماعة دعوية، وإقرارها بالدستور الحالي، ونبذ العنف، واعترافها بأحداث 30 يونيو 2013، وهذه روشتة جيدة لعودة الإخوان من جديد للمشهد”.

وأوضح ربيع أنه في حال نجاح هذه الوساطات بعد تنازل الإخوان سيُقدم النظام على اتخاذ بعض التنازلات المُماثلة لصالح الجماعة.

وتابع: “السياسة هي فن المفاوضة والمساومة، ولا يوجد شيء بلا مقابل”، مؤكدا أنه حينها سيتم الإفراج عن قادة الإخوان المحبوسين داخل السجون.

واستطرد: “من المتوقع أن تكون مثل هذه الخطوات من الخارج، لأن الكثيرين داخل مصر أصابعهم احترقت من الجماعة، ولا أعتقد أن هناك أحدا من داخل مؤسسات الدولة لديه الرغبة في التدخل في هذه القضية الشائكة”.

وأكمل: “من الوارد أن تنجح هذه المساعي والتدخلات، لكن نجاحها مرهون بالشروط التي تحدثت عنها، وليس أقل منها.. هناك فرصة للنجاح بالفعل، لكن المعوقات الأساسية تتمثل في التيارات المختلفة لجماعة الإخوان المسلمين في ظل الانشقاقات والمشاكل الكبيرة التي يعاني منها التنظيم”.

حالة من الاستقرار

ورأى أنه إذا نجحت هذه الوساطات ستؤدي بكل تأكيد إلى حالة من حالات الاستقرار.

وقال ربيع: “أكثر شيء سيؤدي إلى الاستقرار بلا شك هو التلاحم الداخلي بين كل مكونات المجتمع المصري السياسية والدينية وغيرها، فلن يكون هناك تشرذم طالما أن هناك نوعا من التوافق بين الناس حول الأسس العريضة”.

وأفاد بأن ملف الإخوان فُتح في الحوار الوطني خلال أول جلسة لمجلس الأمناء فقط عندما تم التأكيد على أن المُشارك في الحوار هو مَن يقبل بـ “30 يونيو”، وبالدستور الحالي، وينبذ العنف، وقال: “بناءً على ذلك اُستبعدت الجماعة على اعتبار أنها لا تؤمن بذلك ولم تعلن قبولها بهذا بشكل واضح ومتكامل”.

وحال نجاح المصالحة مع النظام، أكد ربيع أنه سيتم الإفراج عن قادة الإخوان المحبوسين واصفا ذلك بأنها السياسة التي تقوم على المفاوضات والمساومة.

بالتأكيد سيحدث ذلك، لأن طبعا السياسة هي فن المفاوضة والمساومة. لا يوجد شيء بلا مقابل، وهي لعبة “هات وخد”، وبالتالي مثلما ستقدم الجماعة على تقديم تنازلات واضحة ستفعل السلطة شيئا مماثلا، ومن بين ذلك في ملف المسجونين والموقوفين.

خلافات داخل أجهزة الدولة
في الوقت نفسه، أشار ربيع إلى وجود خلافات داخل الأجهزة بشأن الموقف من المصالحة مع جماعة الإخوان.

كما أكد وجود خلافات داخل أجهزة الدولة بشأن الموقف من الإفراج عن سجناء الرأي.

وتابع: “الجيش، والمخابرات الحربية، والمخابرات العامة، يتمنون الإفراج عن كل المحبوسين من السجناء، وأنا على يقين من ذلك، لكن في المقابل هناك جهة أخرى تتوجس قبل أن تُفرج عن سجين واحد فقط”.

وفي ما يلي نص الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة مع “عربي21”:

بعض التقارير الصحفية أكدت وجود خلافات داخل أجهزة الدولة بشأن الموقف من الحوار الوطني والإفراج عن سجناء الرأي وفتح المجال العام.. ما صحة ذلك؟

أنا أشك في مسألة وجود خلافات بين دوائر السلطة بشأن الموقف من الحوار الوطني، لأن هذا أمر مبدئي دعا إليه رئيس الدولة، أما بالنسبة للأمور الفرعية أنا معك فيها؛ فهناك بعض الجهات التي تتوجس تجاه أمور بعينها، وتتقدم خطوة لكنها تتراجع عشرات الخطوات قبل أن تفرج عن محبوس واحد فقط.

وأعتقد أن الجيش، والمخابرات الحربية، والمخابرات العامة، على سبيل المثال، يتمنون الإفراج عن كل المحبوسين من سجناء الرأي، وأنا على يقين من ذلك، لكن في المقابل هناك جهة أخرى “بتقطع من جلدها”، حتى يتم الإفراج عن شخص واحد.

وماذا تقصد بـ “الجهة الأخرى”؟ هل تشير إلى جهاز الأمن الوطني؟

ضحك ثم قال: الجميع متفق على الحوار الوطني، لكن في الأمور الإجرائية هناك خلافات بالطبع خلافات بين بعض أركان النظام.

هل الأجهزة الأمنية لها أي دور في إدارة الحوار الوطني؟

 
لو قلت لك لا، فلن يكون هذا الكلام صحيحا، لكن هناك رغبة حقيقية في إنجاح الحوار، وهو ما يعني حتمية الاستماع للمعارضة، وحتمية تنفيذ بعض مطالبها لإنجاح هذا الحوار، وليس مجرد استماع للمعارضة. والجميع يُعلّق على الرغبة في النجاح آمالا واضحة وعريضة، وهذا ما يجعل بعض الناس وحتى المعارضين للحوار، والذين هم أقل درجة من أحمد الطنطاوي، مُصرّين على الاستمرار في الحوار، رغم قناعة بعضهم أنه لا توجد فائدة من ذلك، وبعض الموجودين مؤمنون بالنجاح وبعضهم خائف من تعليق فشل الحوار على انسحابه، قائلين: سأكون حاضرا، ولو نجح الحوار فسيكون خيرا وبركة أما لو فشل فلن يقول أحد إنني كنت السبب في ذلك.

كيف تابعت إعلان جماعة الإخوان بأنها لن تدخل في صراع على السلطة مرة أخرى؟

كما يقول المثل: “أفلح إن صدق”، وتاريخ الجماعة يُبين دائما أن الأقاويل والشعارات تسير في اتجاه بينما التطبيق والأفعال تسير في اتجاه آخر مختلف تماما، وهذا موجود ومُثبت للجميع في الكثير من مواقفهم كموقفهم من انتخابات الرئاسة عام 2012 على سبيل المثال، وبالتالي يجب عليهم أن يبرهنوا على أرض الواقع صحة كلامهم، حتى نصدق شعاراتهم وأقاويلهم.

وما الذي ينبغي على جماعة الإخوان فعله بشكل محدد إزاء هذا الأمر؟

أنا أرى أن التحوّل لجماعة دعوية وترك العمل السياسي أمر أساسي، ولا بد من الإقرار بالدستور الحالي، ونبذ العنف، والإعلان عن الاعتراف بأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، والتي خرجت فيها الجماهير تطالب بالتغيير. وأعتقد أن هذه الأمور تُعد روشتة جيدة لعودة جماعة الإخوان من جديد للمشهد.

وهل في حال إعلان “الإخوان” موافقتها على هذه الأمور ستقبل السلطة بعودة الجماعة مرة أخرى؟

بالطبع النظام سيقبل بعودة الإخوان كجماعة دعوية؛ فأنا أعتقد أن هذا الأمر سيكون سهلا للغاية وسيعمل على إعادة اندماجهم من جديد؛ ففي نهاية الأمر أنت تتحدث عن نحو مليون أو نصف مليون شخص، وليس 5 أو 6 أفراد ستقوم بإبادتهم أو التخلص منهم، وبالتالي هم يُمثلون كتلة كبيرة فإذا كانت الجماعة تقبل بذلك فما المانع إذن، وأنا شخصيا أؤيد هذا الطرح الذي يقضي بعودة الإخوان كجماعة دعوية فقط تنبذ العمل السياسي بشكل نهائي وبات، حتى لا نُديّن العمل السياسي، ثم بعد ذلك تأخذ الخطوات الخاصة بنبذ العنف والاعتراف بالدستور.

هل يمكن لشخص الدكتور عمرو هاشم ربيع أن يتبنى مبادرة في هذا الصدد؟

في مثل هذه الحالات هناك مَن هو أجدر مني وهم على صلة بكل الأطراف، وانغمسوا في دهاليز السلطة والجماعة، ولديهم أصدقاء هنا وهناك، ويمكن أن يكون صوتهم مسموعا أكثر، بينما أنا لست على صلة بكل الأطراف، ولست الوجه المقبول بالنسبة لجماعة الإخوان على الأقل، ولكن عموما ليس من المهم الشخص الذي سيقوم بهذه المهمة؛ فالمهم أن يكون لدى الجماعة النية أصلا للإقدام على هذه الخطوة، ولا أعتقد أن هذه النية موجودة لدى الإخوان، وإلا لماذا لم تعلنها.

وإذا أعلنت الجماعة قبولها هذه الحزمة من المقترحات التي أشرت إليها آنفا مقبولة لبعض الذين يمكنهم التدخل لحلحلة الأزمة الراهنة والحالة التي نعيشها منذ عام 1928 (عام تأسيس جماعة الإخوان)، وهي حالة الصراع بين السلطة والجماعة.

البعض تحدث عن وجود اتصالات جارية الآن بين الإخوان وأجهزة الدولة المصرية.. ما صحة ذلك؟

بالفعل أثيرت أحاديث حول هذا الموضوع، وأثير كلام عن تدخل جهات خارجية – خليجية بشكل مُحدد – بالإضافة إلى تدخلات تركية، لكن الأحاديث بشأن التدخلات الخليجية أثيرت على نطاق أكبر وأوسع، وأن هناك ضغوطا بالفعل لقبول مثل هذا الأمر، وبالطبع مثل هذه التدخلات أمر متوقع حدوثه؛ فمن المتوقع أن تكون مثل هذه الخطوات من الخارج، لأن الكثيرين داخل مصر أصابعهم احترقت من الجماعة، ولا أعتقد أن هناك أحدا من داخل مؤسسات الدولة لديه الرغبة في التدخل في هذه القضية الشائكة، لكن أعتقد أن تلك الاتصالات والتدخلات الخليجية أثيرت أحاديث بشأنها منذ حوالي شهرين تقريبا، لكن أبعاد وأشكال ونتائج هذه التدخلات لم تتضح بشكل جلي حتى الآن.

وما فرص نجاح هذه التدخلات الخليجية والتركية الرامية للوساطة بين الإخوان والنظام المصري؟

من الوارد أن تنجح هذه المساعي والتدخلات، لكن نجاحها مرهون بما ذكرته لك آنفا، وبالشروط التي تحدثت عنها، وليس أقل منها. وحقيقة، هناك فرصة للنجاح بالفعل، لكن المعوقات الأساسية تتمثل في التيارات المختلفة لجماعة الإخوان المسلمين في ظل الانشقاقات والمشاكل الكبيرة التي يعاني منها التنظيم.

كيف ستنعكس المصالحة بين الإخوان والسلطة على الأوضاع المصرية في حال نجاح جهود الوساطة التي تحدثت عنها؟

إذا نجحت هذه الوساطات ستؤدي بكل تأكيد إلى حالة من حالات الاستقرار؛ فأكثر شيء سيؤدي إلى الاستقرار بلا شك هو التلاحم الداخلي بين كل مكونات المجتمع المصري السياسية والدينية وغيرها، فلن يكون هناك تشرذم طالما أن هناك نوعا من التوافق بين الناس حول الأسس العريضة، وما المانع إذن من التوافق وإنهاء الخلافات، وهو ما سيحدث في نهاية المطاف.

وهل هناك خلافات داخل الأجهزة بشأن الموقف من المصالحة مع الإخوان؟

بالطبع هناك خلافات قائمة بين الأجهزة بدون شك في هذه القضية، وأنا أؤيدك ذلك تماما.

قلت إن ملف الإخوان سوف يفتح ضمن قضايا الحوار الوطني.. فهل تم فتحه بالفعل أم لا؟

ملف الإخوان فُتح في الحوار الوطني خلال أول جلسة لمجلس الأمناء فقط عندما تم التأكيد على أن المُشارك في الحوار هو مَن يقبل بـ 30 حزيران/ يونيو، وبالدستور الحالي، وينبذ العنف. وبناءً عليه اُستبعدت الجماعة على اعتبار أنها لا تؤمن بذلك ولم تعلن قبولها بهذا بشكل واضح ومتكامل.

هل سيتم الإفراج عن قادة الإخوان المحبوسين في حال نجاح المصالحة مع النظام؟

بالتأكيد سيحدث ذلك، لأن طبعا السياسة هي فن المفاوضة والمساومة. لا يوجد شيء بلا مقابل، وهي لعبة “هات وخد”، وبالتالي مثلما ستقدم الجماعة على تقديم تنازلات واضحة ستفعل السلطة شيئا مماثلا، ومن بين ذلك في ملف المسجونين والموقوفين.

المنسق العام للحوار الوطني، ضياء رشوان، قال إن الحوار الوطني لن يناقش فكرة حل البرلمان أو انتخابات رئاسية مبكرة أو الدستور أو تغيير الحكومة.. فهل هناك خطوط حمراء أخرى ممنوع مناقشتها داخل الحوار؟

لا توجد أي خطوط حمراء على الإطلاق في الحوار الوطني الذي يركز بالأساس على تفعيل الدستور، لأننا ابتعدنا عن الدستور، بينما اليوم نريد تنفيذ أجندة الدستور، ولكن ما هو دون الدستور فلا يوجد مانع من مناقشته، وكل كلامنا مفتوح لا سقف له.

هل سيتم الإفراج عن أعداد أخرى من سجناء الرأي خلال الفترة المقبلة؟

أعتقد ذلك، والأمور ليست مغلقة على الأعداد التي تم الإفراج عنها فقط؛ فلا يزال هناك أمل كبير جدا، وأحيانا ضغوط وبيانات تطالب بالإفراج عن المزيد من السجناء سواء بالعفو الرئاسي أو بقرارات من النائب العام لإطلاق سراح المحبوسين احتياطيا.

ما الذي سينتهي إليه الحوار الوطني في نهاية المطاف؟

أتصور أن هذا الحوار يجب بشكل حتمي أن ينتهي إلى فتح المجال العام؛ فلا يوجد أي خيار آخر سوى ذلك، لأن فتح المجال العام هو الطريق الوحيد أمامنا، وهو ما سيفتح أبوابا كثيرة جدا لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وأنا هنا أتحدث عن شيء لا يمثل صعوبة؛ ففتح المجال العام لن يكلفنا أي شيء، وهو كما نقول في مصر “حاجة ببلاش”، وهذا بخلاف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي ربما تكون مُكلّفة ولها أثمان مادية تُدفع على الأرض، وحقيقة فتح المجال العام سيُسهّل الأمور الخاصة بالاستثمارات والبطالة والأسعار وغيرها، ولا سبيل إلا للنجاح، والنجاح هو الخيار الوحيد الذي ستؤول إليه هذه المسألة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى