عادل سيف.. يكتب عن: التدريب على الرماية في ميدان التحرير

عادل سيف

عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وبرز خلالها دور المقاومة الشعبية في بورسعيد تبعها لعدة شهور من قبل الدولة شحن شعبي مكثف حولها تمثل في تواجد موقع للمقاومة الشعبية على مداخل الاحياء والنواصي في الشوارع الرئيسية في القاهرة، قوامها افراد من متطوعي الحرس الوطني يرتدون الزي العسكري يتمترسون وراء سواتر من أكياس الرمل وفي وضع استعداد ببنادقهم وكأنهم في حالة حرب.

كان هذا المشهد الذي اتذكره تماما رغم طفولتي المبكرة وقتها يثير حماسي خاصة وانني مشحون بأيام الحرب القريبة وما يحكى عن بطولاتها في الإذاعة، وأيضا بخيال الأفلام الحربية عن الحرب العالمية الثانية التي اهتم بها انتاج هوليوود وقتها وكنت اشاهدها في السينمات التسلية الأهم قبل ظهور التليفزيون، فكنت أقلد هذه المشاهد وساعدني في ذلك وجود بنادق للصيد في البيت.

في إطار هذا الشحن ظهر بناء صغير في ميدان التحرير تديره القوات المسلحة وتحديدا بجوار مسجد عمر مكرم، كان عبارة عن ميدان مصغر للرماية يهدف للتدريب على الرماية بالبندقية وتثقيف الشعب بالرماية واهميتها له اثناء الحروب.

المبنى كان مقسم الى جزئين الأول هو صالة مغطاة للوقاية من الشمس مستطيلة يدخل اليها الزائر ويفصلها عن الجزء الثاني حاجز أطول من المتر قليلا مثبت عليه بكرة تدار باليد لتحرك سلك مثبت عليه مشبك يمسك بورقة مقواه بداخلها دوائر متداخله لتكون هدفا للتصويب بالبندقية، ويتم من خلال إدارة البكرة ابعادها الى مسافة امتار داخل الجزء الثاني، وهو ساحة خالية تنتهي بحائط عالي اسفلها كومة من الرمال بهدف تلقي مقذوفات البنادق حتى لا تخرج خارج المبنى، لم تكن البنادق سوى بنادق صيد خفيفة مشهورة شعبيا “بندقية رش” وعلميا بندقية ضغط الهواء، إذا تعتمد على مقذوف صغير جدا مصنوع من الرصاص يسد ماسورة البندقية ويدفعه عند الاطلاق ضغط هواء شديد تنتجه البندقية فيصيب الهدف.

كان الدخول للمشاهدة مجانا واما من يرغب في التدريب او اختبار قدراته على التصويب فيدفع قرشان ليحصل على عدد من مقذوفات الرش وتوضع له ورقة هدف على سلك البكرة وابعادها لتصل بالقرب من الحائط وكوم الرمال ويصوب ويضرب ويستعيد الورقة عند الانتهاء ويرى نتيجة عمله.

في البداية كان الاقبال على الميدان كبيرا واخذ في التراجع كلما بعدت سنة الحرب ولم يزال المبنى الا بعد حرب 5 يونيو 1967 ودخل ضمن ساحة انتظار السيارات الموجودة الان، اسباب الازالة غير معروفة او محددة والتكهنات متعددة، ربما للتركيز في إعادة بناء الجيش وترك القطاعات التي تشغله عن المعركة القادمة، ربما لاختلاف الحرب عن سابقتها غيبت فكرة المقاومة الشعبية عن الحسابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى