الإجهاض “السري” يتزايد في المغرب ومطالب بتقنينه

أعادت محاكمة نساء بالمغرب بتهمة “ترويج أقراص طبية محظورة تستعمل في الإجهاض” القضية إلى الواجهة بالتزامن مع تجدد المطالب بتقنين عمليات إنهاء الحمل، وتقديم حزب سياسي مذكرة للبرلمان المغربي بـ”تنظيمها”.

وينص قانون العقوبات المغربي على سجن من يمارس علاقات جنسية قبل الزواج ويلجأ الى الإجهاض حين لا تكون حياة الأم في خطر.

وفي مقال لها قبل أيام، كتبت الكاتبة المغربية، ليلى السليماني، بمجلة “L’OBS” المغربية، أن عمليات إجهاض سرية تتم بشكل مستمر في المملكة، حيث تعيش نساء وجدن أنفسهن عرضة لهذا الإجهاض قصصا محزنة يوميا، بعدما تم خداعهن واغتصابهن.

ويتجدد النقاش في المغرب حول الإجهاض مع كل مأساة تخرج إلى العلن بسبب عمليات إنهاء الحمل السرية.

وتقول الحقوقية المغربية، فدورى رجواني، إن “عمليات الإجهاض تقام بسهولة باستعمال عقاقير معروفة ورخيصة الثمن يمكن الحصول عليها بدون وصفة طبيب”.

وتتابع رجواني، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في سوس ماسة، أنه “منذ ما يقارب الثلاث سنوات أصبح الحصول على الدواء شبه مستحيل بدون وصفة طبيب، وذلك بسبب الرواج الغريب الذي لاحظه الصيادلة وأيضا بتواطئ مع الأطباء الذين كسدت تجارتهم، والذين أصبحوا هم أيضا يستعملونه داخل العيادات مع النساء اللواتي لا يعرفنه ويواظبون على استخلاص فواتير باهضة مقابل العملية”.

وفي المحاكمة الأخيرة، استمع الأمن المغربي إلى النساء اللواتي تم توقيفهن قبل إحالتهن على قاضي التحقيق، حيث كشفن استعمالهن هذه الأقراص وتمكين نساء أخريات منها، وهو ما يشكل خطرا على صحتهن وصحة النساء اللواتي تناولنها” وفق هسبريس.

وتفيد تقديرات لجمعيات أن ما بين 600 و800 عملية إجهاض سري يتم إجراؤها كل يوم في المغرب، وفقا لما نقلته فرانس برس.

بالنسبة للكاتبة والناشطة المغربية، فاطمة الزهراء أمزكار، فإن “الدولة أمام خيارين، إما تأطير العملية حتى تظل تحت إشرافها وناظريها، وإما أن تجرم الإجهاض، وفي المقابل عليها تحمل تبعاته من قبيل سجن المجهضة وحرمانها من حقها في تقرير مصير جنينها الذي قد يشكل خطرا عليها”.

بدورها تكشف رجواني، أن “الأرقام الرسمية تتحدث عن وجود 200 حالة إجهاض سري يوميا داخل العيادات ولا نعلم كم من حالة تجرى بالطرق التقليدية في المغرب”.

وتضيف “وبالتالي نحن أمام واقع يمارس فيه الإجهاض بشكل يومي وبطرق مختلفة ولكنها كلها خارج القانون وأكثر من هذا تشكل خطرا على صحة النساء وتعرضهن للموت، وقوانين تجرمه دون أن يكون لتجريمه أي أثر على الواقع”، أي غياب أي مراقبة على من يمارسونه رغم أن بعض المصحات تشتهر بإجرائه.

وأكدت مصادر قضائية لجريدة هسبريس الإلكترونية أن قاضي التحقيق قرر متابعة أربع متهمات من أصل خمس في حالة اعتقال، بينما تمت متابعة واحدة منهن كان قد أطلق سراحها، والتي كانت قد قدمت أقراصا مروجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإحدى النقابيات في مدينة برشيد.

والعام 2018، لاحق القضاء المغربي 73 امرأة بتهمة الاجهاض، بحسب أرقام رسمية، وفق تقرير من وكالة فرنس برس.

ويشكل الإجهاض السري خطرا كبيرا على حياة النساء ويؤدي أحيانا إلى الوفاة، فيما تجريه مصحات خاصة بمبالغ كبيرة.

وتقول الحقوقية، فدوى رجواني،  “كلفة كل هذا التواطؤ تؤديه النساء ماديا ونفسيا، فلو كان الإجهاض غير مجرم، بالتأكيد كانت كلفته ستنخفض أولا، ثانيا سنحمي النساء من تهديد الموت والفضيحة والأكيد أن حالات الإجهاض ستنخفض إذا علمنا أن كل الدول الذي سمحت به انخفضت فيها معدلاته”، بحسب تعبيرها.

معركة حقوقية مستمرة
والشهر الماضي، تقدم فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمقترح قانون يتعلق بـ “تنظيم الإيقاف الطبي للحمل”.

والهدف من المقترح أن يتم تقنين الإجهاض وتحديد الحالات المسموح فيها به وشروط إجرائه.

وترى رجواني في حديثها أن “الدولة بدأت تفهم أن الإجهاض واقع وأن أي محاولة لإنكار الظاهرة تحت يافطة ‘نحن بلد مسلم ولا يمكن أن يحصل هذا بيننا’ لن يؤدي بنا إلا للمزيد من المآسي المرتبطة بهكذا موضوع بهذا الحجم من الحساسية”.

أما الكاتبة، أمزكار، فتقول إن “مبرر تحريم الدين للإجهاض الذي تتبجح به الدولة واهٍ لأسباب متعددة من بينها تعدد المذاهب والآراء الفقهية وعلينا التوجه للرأي الأكثر تسامحا وتقبلا للإجهاض”.

وتشير مذكرة حزب التقدم والاشتراكية، المنشورة على موقع الحزب على الإنترنت، إلى “أن الإجهاض السري غير المأمون يتم غالبا في ظروف صحية لا تحترم أبسط قواعد السلامة، وتلجأ العديد من الفتيات والنساء، خوفا من تبعات القانون الجنائي الحالي المتعلق بالإجهاض، إلى وسائل بدائية باستعمال أداة حادة غير معقمة أو أعشاب سامة أو أدوية خطيرة، ما تنتج عنه مضاعفات صحية”، تتضمن النزيف الحاد أو قصوراً في الجهاز التنفسي.

ويخوض المعسكر التقدمي في المغرب حملات منذ سنوات من أجل إلغاء تجريم الإجهاض، بينما يعارض المحافظون أي تخفيف للقوانين التي تطاول الأعراف الاجتماعية.

وتعاقب فصول أخرى الإجهاض غير القانوني بالسجن بين عام وعامين، ورغم أن هذه القوانين لا تطبق دائما بحذافيرها، إلا أنها كثيرا ما تثير جدلا عاما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى