هل ستنجح “الحرب” الروسية – الصينية على الدولار؟
قالت مجلة ”ناشيونال إنترست“ الأمريكية، إن هناك حربا شرسة تخوضها روسيا والصين لإنهاء نفوذ الدولار الأمريكي، وإن على واشنطن أن تكون قلقة رغم قوة عملتها.
وأشارت المجلة في تقرير نشرته، الأربعاء، إلى أنه في حين يسلط الجنرالات والمستشارون الضوء بشكل متزايد على سد الفجوة بين القدرات العسكرية الصينية والأمريكية، لا يزال الدولار الأمريكي هو المسيطر في النظام الاقتصادي العالمي.
وتساءلت المجلة في تقريرها: ”هل هذه حقيقة يمكن اعتبارها أمرا مفروغا منه، أم أن التحالف الصيني-الروسي يشكل تهديدا حقيقيا لهيمنة واشنطن المالية؟“.
ولفتت إلى أن حصة معاملات الصرف الأجنبي التي تستخدم الدولار الأمريكي ظلت مستقرة خلال العقدين اللذين سبقا الركود الناجم عن جائحة عام 2020، إذ بلغت 88% عام 2019.
وذكرت أنه ”مع تحول البلدان إلى الداخل، وتعطل سلاسل التوريد خلال وباء كورونا، ارتفع عجز الميزانية الأمريكية؛ ما جعل الدولار عملة أقل جاذبية في جميع أنحاء العالم“، مضيفة أنه نتيجة لذلك، ولأول مرة منذ عام 1997، انخفضت حصة الدولار من احتياطيات العملات العالمية إلى أقل من 60% في عام 2020.
مزايا كبيرة
وأوضحت المجلة، أن الحفاظ على هذا المركز المتميز للدولار، يأتي مع مزايا كبيرة ستثبت أنها حاسمة أثناء صراع القوى العظمى، مشيرة إلى أنه يمكن للولايات المتحدة الاقتراض بمعدلات أقل من أي دولة أخرى، وهي على يقين دائمًا من أن البنوك المركزية الأخرى ستشتري سنداتها ويمكنها توجيه المعاملات من خلال المؤسسات التي تقودها أمريكا.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن الصين ازدادت قوة من الناحية العسكرية والاقتصادية، إلا أن عملتها ”اليوان“ استخدمت فقط في 2.7% من المدفوعات الدولية في عام 2021، وهو أقل بكثير من 40.51% للدولار و 36.65% لليورو.
وقالت ”ناشيونال إنترست“: إنه ”في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، يبدو أن المد بدأ يتحول… ربما ليس بشكل دائم، ولكن بطريقة ينبغي أن تثير قلق صانعي السياسة الأمريكيين“، محذرة من أن ”التحالف الروسي-الصيني يحاول جذب الدول الأخرى إلى بديل للدولار بهدف نهائي، وهو بناء نظام مالي مستقل تمامًا عن سيطرة واشنطن“.
تقويض الهيمنة الأمريكية
واعتبرت أنه بمساعدة روسيا، تسعى الصين تدريجيًا لتقويض الهيمنة المالية الأمريكية، لافتة إلى أنه بعد أن اتحدت الدول الغربية لمعاقبة روسيا في أعقاب حربها على أوكرانيا، كان أحد ردود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إجبار الدول الأوروبية التي تعتمد على واردات الطاقة الروسية على الدفع بالروبل أو الذهب.
وأوضحت أنه بدافع الضرورة المطلقة، قبلت العديد من شركات الطاقة هذا الطلب وأجبرت على تحويل مدفوعاتها باليورو إلى الروبل قبل تخزينها في حساب منفصل تحت ملكيتها.
وقالت المجلة: إن ”هذا يترتب عليه عدد من العواقب… لكن من الواضح أن الصين هي أكبر سبب للقلق؛ لأنها سعت بشكل فعَّال إلى تطوير اليوان الرقمي، وستسهل العملة الإلكترونية المنفصلة عن الرقابة المالية الأمريكية التوسع غير المقيد لمبادرة الحزام والطريق الصينية؛ لأن واشنطن لن تكون قادرة على تتبع المعاملات التي تتم بين بكين والدول النامية.
ورأت المجلة أن الولايات المتحدة تمتلك الأدوات اللازمة للرد على الجهود الصينية والروسية، لقلب هيمنتها المالية، ولكنها غير مستعدة لاستخدامها.
علاقات مع آسيا
ولفتت ”ناشيونال إنترست“، إلى أن ”الزيارات الدبلوماسية إلى الدول الأجنبية لبناء علاقات اقتصادية، مثل زيارة بايدن الأخيرة إلى آسيا، لم تتكرر كثيرا خلال الإدارات الأخيرة، فيما دفعت حزم الإنفاق المفرطة التي تتطلب من الاحتياطي الفيدرالي طباعة مبالغ غير معقولة من المال إلى خروج الدولار عن نطاق السيطرة؛ ما قلل من ثقة البلدان التي كانت تربط نفسها بثقة بالدولار“.
وختمت المجلة تقريرها بالقول: ”الأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي لمواجهة تطور الصين؛ ما أدى إلى فشلها في مطابقة اليوان الرقمي بالدولار الرقمي، والسماح بشكل سلبي للعلاقات الصينية-الروسية بالتوسع.
وإذا ما أرادت الولايات المتحدة البقاء على رأس النظام الدولي القائم على القواعد، فسوف تحتاج إلى مواجهة الجهود الجادة الجارية لتقويض هيمنتها المالية العالمية“.