علاقات القاهرة وأنقرة.. تمهل مصري وشروط “غير قابلة للتفاوض”
في مقابل خطوات أنقرة تجاه منصات جماعة الإخوان في تركيا، أبدت القاهرة انفتاحا على تطبيع العلاقات بين البلدين من دون هرولة.
وبعد سنوات من القطيعة تحركت المياه الراكدة في بحيرة العلاقات المصرية التركية، مع رغبة أنقرة التي حاصرتها الأزمات الاقتصادية والسياسية على السواء، في تسوية الخلافات التي أدخلتها في عزلة إقليمية أخذت تتعمق على نحو مزعج.
وأقدمت تركيا على خطوات لإبداء حسن نواياها تجاه القاهرة بتصفية منصات إعلامية إخوانية دأبت على الهجوم على القيادة السياسية في مصر، منذ عدة شهور، كما رجبت بمباحثات مع الجانب التركي، لكن بدا جليا أن القاهرة لا تنوي الإسراع في غلق ملفات الخلاف قبل معالجة الأزمة على نحو أكثر جذرية.
وفي هذا السياق يرى وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، أن هناك تحسن في مسار أسلوب المعاملة التركي مؤخرا، ولكن ليس بالضرورة أن يتبع ذلك عودة العلاقات بشكل كامل.
وأوضح الوزير المصري السابق أن رفع درجة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين لدرجة سفير، مرتبط بمجموعة من الملفات التي لا تزال عالقة ولم تقدم فيها تركيا ما يتوافق مع المطالب المصرية.
وأشار العرابي إلى أن أبرز معوقات عودة العلاقات مع تركيا، هو ملف جماعة الإخوان، بالإضافة إلى الملف الليبي والتواجد العسكري التركي هناك.
وفي أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 التي أطاحت بجماعة الإخوان من الحكم في مصر، استضافت أنقرة قادة وكوادر الجماعة، وبعضهم كان ملاحقا في جرائم إرهاب في مصر.
وتركزت منصات الجماعة المصنفة إرهابية في مصر، في تركيا، التي قدمت دعما سياسيا للجماعة المنبوذة في العالم العربي، كما لعبت أنقرة دورا مساندا لمليشيات إخوانية إرهابية في ليبيا المتاخمة لمصر.
وكشف العرابي عن إجراء وصفه بـ”بالغ الأهمية ” على الجانب التركي اتخاذه، وهو ضرورة توجه تركيا للنظام المصري الحاكم بالخطاب بشكل رسمي بعيدا عن التصريحات الإعلامية، التي يؤكدون فيها على احترامهم وتقديرهم للشعب المصري، متابعا ” لا بد أن يأخذ المسلك التركي طريقا رسميا بالتوجه للقيادة المصرية”.
وقال العرابي إن مصر لن تلهث وراء رفع درجة التمثيل مع تركيا لا في الوقت الراهن أو في أي وقت قادم.
وحول العلاقات الاقتصادية بين البلدين قال العرابي إنها تسير بشكل جيد منذ فترة وكذلك التبادل السياحي.
ونهاية إبريل الماضي/ نيسان الماضي، نقلت وسائل إعلام تركية رسمية عن أردوغان قوله، في طريق عودته من زيارة قام بها إلى السعودية “لدينا سياسات إزاء إسرائيل، ويمكن اتباع نهج مماثل إزاء مصر، وسيشير إحراز نتائج إيجابية في هذا السبيل إلى إمكانية تبني خطوات على مستوى أرفع”.
وأضاف أنه “يتعين علينا الدخول في مرحلة جديدة مع الدول التي نتقاسم معها نفس المعتقدات والأفكار، إنها مرحلة كسب أصدقاء وليس خلق أعداء”.
من جانبه يرى هاني الأعصر مدير المركز الوطني للدراسات، أن هناك شرطان أساسيان بالنسبة للمسؤولين في مصر لن يتم التنازل عنهما إذا كانت تركيا ترغب في عودة العلاقات بشكل طبيعي بين البلدين، قائلا إن ” الاعتراف التركي بشكل واضج لا لبس فيه بشرعية الرئيس المصري والنظام المصري الحاكم ككل أمر لا فصال فيه”.
وأوضح الأعصر أن الشرط الثاني بالنسبة لمصر، هو ضرورة التوقف بشكل جاد من جانب أنقرة عن دعم جماعة الإخوان، بعيدا عن الأمور التي أعلنتها مؤخرا، مشيرا إلى أن التوسع في منح الجنسية من جانب تركيا لأعضاء وقيادات الجماعة حتى يتسنى لهم المغادرة والتنقل، هو أحد أشكال الدعم التي تمنحهم فرصة للإفلات من العقاب، أو الملاحقة المصرية.
وحول الملف الليبي وما إذا كان عائقا أمام عودة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين، يرى الأعصر أن القاهرة يمكن أن تكون أكثر مرونة في هذا الملف خاصة إذا حقق الجانب التركي تقدما في المطلبين المتعلقين بالاعتراف بشرعية النظام الحاكم في مصر، ووقف دعم الإخوان”.
ولفت الأعصر إلى دور تلعبه السعودية مؤخرا لعودة العلاقات بين مصر وتركيا، مؤكدا أن التقارب التركي الخليجي مؤخرا، هو أحد محددات عودة العلاقة بين القاهرة وأنقرة.
في مقابل ذلك، يرى شريف البربري عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين الأتراك، أن عددا من الشركات التركية العاملة في مصر بدأت مؤخرا في توسيع حجم أعمالها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تسير بشكل جيد منذ فترة طويلة.
وأكد البربري أن “عودة العلاقات السياسية بين البلدين إلى طبيعتها سيؤدي لمزيد من التوسع في الاستثمارات المصرية في تركيا وكذلك التركية في مصر”، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تسهيلات في البلدين بشأن إصدار تأشيرات الدخول ما ساهم في طفرة بشأن التبادل التجاري مؤخرا، مؤكدا على أن الصادرات المصرية إلى تركيا ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العام الماضي.
وشدد البربري على أن التعاون الاقتصادي يكون انكماشه أو توسعه مرتبط بالأساس بطبيعة الأسواق، وهو في الحالتين المصرية والتركية، أسواق مؤهلة لتعاون أكبر.