15 سؤالاً وجواباً عن تبعات قرار رفع سعر الفائدة
كتب- مصطفى عبد السلام
رفع البنك المركزي المصري اليوم الخميس أسعار الفائدة بنسبة 2% مرة واحدة، وذلك في محاولة لاحتواء التضخم بعدما قفزت الأسعار بأعلى معدل لها في ثلاث سنوات.
ومع الرفع المفاجئ من حيث معدل الزيادة، فإن كثيرين يتساءلون عن مغزى القرار وتبعاته على الأفراد والسوق وسعر الدولار ومناخ الاستثمار والدين العام، بل وعلى سعر الذهب وأدوات الاستثمار الأخرى؟
وهل هناك توقعات باستمرار تلك الزيادة خاصة مع استمرار تنامي ظاهرة غلاء الأسعار العنيفة في الأسواق سواء للسلع الأساسية كالأغذية الفواكه والخضروات، أو إيجار السكن وكلفة الحياة والمعيشة وغيرها؟
في هذا المقال أحاول الإجابة عن تلك الأسئلة وغيرها في شكل سؤال وجواب.
1- ماذا يعني التضخم الذي يستهدف البنك المركزي بقراره الأخير محاربته؟
– التضخم يعني ببساطة غلاء الأسعار سواء السلع كالأغذية أو الخدمات كفواتير الكهرباء والمياه والغاز، فالأسعار زادت بشدة في مصر خاصة عقب اندلاع حرب أوكرانيا، وبالتالي فإن البنك المركزي لابد أن يتحرك بسرعة لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة والتي تؤدي لتآكل المدخرات وتضعف القوة الشرائية للمواطن.
2- ولماذا يرفع البنك المركزي سعر الفائدة أصلاً مع زيادة التضخم؟
– لأنه برفع سعر الفائدة يتم سحب السيولة النقدية من الأسواق ومن جيوب وأيدي الناس، ومن هنا تقل النقود المتاحة للشراء، ومعها يتراجع الطلب على السلع فتنخفض أسعارها، وهذا هو أسرع أسلوب لمكافحة التضخم.
3- وهل التضخم خطير إلى هذه الدرجة لدرجة أن البنك المركزي يرفع بسببه سعر الفائدة وبالتالي يعرقل الاستثمار ويزيد الدين العام، ما مخاطر التضخم؟
– نعم، التضخم في منتهى الخطورة على الأفراد والسلع والعملة المحلية والاستثمار، ببساطة يكون معك أموال كثيرة وغير قادر على شراء ما تحتاجه بسبب غلاء الأسعار المفرط، ببساطة أيضاً التضخم يهز كل مكونات الاقتصاد ويزيد الفقر والبطالة ويتسبب في غلق المصانع.
4- هل مكافحة التضخم هو هدف رفع سعر الفائدة الوحيد؟
– بالطبع لا، فهناك أسباب أخرى منها مثلا أن زيادة الفائدة على الجنيه المصري يزيد من جاذبية الاستثمار في العملة المحلية، وبالتالي يبعد المدخرين عن حيازة الدولار، ومن هنا يتم مكافحة ظاهرة الدولرة ويجهض أي محاولات من قبل المضاربين لإعادة السوق السوداء للعملة، أيضا من أهداف زيادة سعر الفائدة محاولة استعادة جزء من الأموال الساخنة الهاربة من البلاد والتي قدرت الحكومة قيمتها بنحو 20 مليار دولار خرجت في الربع الأول من العام الجاري.
5- هل رفع سعر الفائدة هو الحل الوحيد لعلاج معضلة التضخم؟
– لا، فهناك حلول أخرى منها مثلا زيادة الإنتاج والصادرات وتنشيط قطاع الصناعة والاستثمار المباشر، لأن هذه الخطوات تحد من الواردات الخارجية، أيضا معظم التضخم في مصر مستورد من الخارج، لأن البلد تستورد 70% من احتياجاتها من السلع الغذائية وتدفع أكثر من 15 مليار دولار في واردات الأغذية وحدها، وبالتالي فإن الحل هو زيادة إنتاج ما تستورده الدولة خاصة من القمح والأغذية والأدوية والوقود من بنزين وسولار وغاز.
أيضا مشكلة التضخم في مصر ليست ناتجة كلها بسبب زيادة السيولة، فقد تم سحب أكثر من 600 مليار جنيه منها من خلال طرح البنكين الأهلى المصري ومصر شهادات ادخار بنسبة 18% سنوياً، وهو سعر مغر جداً للمدخرين. وهنا لا بد من التذكير أن زيادة الفائدة ليست أنجح الحلول للتضخم، بل قد تأتي هنا بنتائج عكسية وهي ادخال الاقتصاد في ركود تضخمي، والأسواق في حالة كساد وركود.
6 – هل زيادة سعر الفائدة على الجنيه يترتب عليها تراجع سعر الدولار؟
– نظرياً نعم، لأنه من المفروض أن تدفع الزيادة المدخرين وأصحاب الأموال نحو شراء الأصول المحلية مثل الأوعية الادخارية بالجنيه المصري ذات العائد المرتفع، لكن السوق قد يكون له رأي آخر، كما أن هناك عوامل أخرى تحدد اتجاهات سعر الدولار من أبرزها مدى وفرة السيولة بالنقد الأجنبي في الأسواق والتدفقات الدولارية على البلاد والفجوة التمويلية وعجز الميزان التجاري، وهو الفارق بين الصادرات والواردات والذي يزيد حالياً عن 40 مليار دولار.
7- لماذا رفع البنك المركزي الفائدة بنسبة 2% مرة واحدة وهو ما فاجأ الأسواق خاصة وأنه كانت هناك تلميحات بتثبيت السعر في ظل حديث بعض المسؤولين عن قوة الاقتصاد والجنيه؟
-لأن البنك المركزي يستشعر خطر التضخم وأنه مرشح للزيادة، ولذا يحاول كبحه بسبب مخاطره الشديدة سواء على الأفراد واضعاف قدرتهم الشرائية، أو على سوق الصرف وقوة الجنيه أو على الاقتصاد وتراجع معدل النمو.
8- من المستفيد من رفع الفائدة، ومن المتضرر؟
– المستفيد الأول هم أصحاب المدخرات بالجنيه الذين يحصدون مزيداً من العوائد، أما المتضررون فهم كثر، الحكومة في المقدمة حيث يترتب على زيادة سعر الفائدة ارتفاع أعباء الدين العام للدولة وعجز الموازنة العامة، والمستثمرون ثانياً لأنه يرفع تكلفة الأموال والقروض، وهو ما قد يدفع بعض رجال الأعمال نحو تصفية أنشطتهم ومصانعهم وايداع حصيلة البيع في البنوك للحصول على سعر فائدة عالية معفاة من الضرائب وبعيدة عن المخاطر.
9- هل من المتوقع استمرار البنك المركزي المصري في زيادة سعر الفائدة؟
– نعم لأسباب عدة منها أولاً، أن هناك زيادة متوقعة في معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، والثاني، قيام البنوك المركزية العالمية بتشديد البنوك المركزية السياسات النقدية وزيادة سعر الفائدة على عملاتها لاحتواء التضخم العالي.
10- من الذي يحدد اتجاهات أسعار الفائدة في مصر؟
-لجنة السياسة النقدية والتي تضم خبراء محترفين في الاقتصاد والسياسة النقدية والاستثمارات وإدارة الأموال والبورصات والعملات والنقود، ومعظم أعضاء اللجنة هم أعضاء بمجلس إدارة البنك المركزي.
11- هل رفع سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة سعر الذهب؟
-السوق المصرية لها طبيعتها الخاصة والتي تختلف عما يدور في الأسواق العالمية، وسعر الذهب يحدد في مصر بناء على عدة أمور أبرزها اتجاهات سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
12- هل زيادة سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة الأسعار؟
-الأسعار ترتبط أكثر بسعر الدولار أكثر من سعر الفائدة، صحيح أن زيادة الفائدة ترفع تكلفة القروض التي يحصل عليها رجال الأعمال والمستثمرين، لكن الأسعار ترتبط أكثر باتجاهات سعر الدولار وتكلفة الإنتاج والدولار الجمركي وغيرها.
13- هل من المتوقع طرح شهادات ادخار في مصر بسعر فائدة أكثر من 18%؟
– صعب خاصة من قبل البنوك الحكومية، قد تبدأ البنوك الخاصة والأجنبية رفع سعر الفائدة لديها لتعويض جزء من مليارات الجنيهات التي هربت منها للبنوك العامة للاكتتاب في شهادات الادخار التي طرحتها بسعر فائدة 18%.
14- هل زيادة سعر الفائدة تؤثر سلباً على البورصة؟
– نعم الزيادة تؤثر على معظم أدوات وفرص الاستثمار الأخرى ومنها البورصة حيث يهرب المستثمرون منها نحو البنوك للاستفادة من سعر الفائدة العالي.
15- هل زيادة الفائدة تعني تعويما جديدا للجنيه المصري؟
– لا يوجد رابط بين الأمرين، يحدث التعويم عندما تقل موارد الدولة من النقد الاجنبي وتزيد الالتزامات الدولارية عن الأموال المتدفقة، ويحدث ضغط على سوق الصرف كما حدث في مارس الماضي عقب هروب مليارات الدولارات من الأموال الساخنة.