فريد زهران يفوز بـ “ولاية ثانية” لرئاسة الحزب المصرى الديمقراطي
الأمة – القاهرة:
عقد الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المعارض انتخاباته العامة أمس الجمعة بمشاركة ثلاث قوائم انتخابية في ظل أجواء سياسية أكثر انفتاحاً، وتزامنًا مع دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحوار السياسي الشامل، ما يمنح الحزب وغيره من الأحزاب التي سوف تعقد انتخاباتها لاحقا فرصة لإحياء حضورها السياسي بعد أن غاب، أو جرى تغييب دورها عن الساحة في السنوات الماضية.
وأعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فوز الدكتور فريد زهران، المرشح عن قائمة التقدم برئاسة الحزب في الانتخابات التي أجريت الجمعة، بعد حصوله على 529 صوتًا، فيما حصل الدكتور حنا جرجس على 229 صوتًا، وحصلت الدكتورة نجلاء قطب على 18 صوتا.
وجاءت انتخابات المصري الديمقراطي، وهو أحد إفرازات ثورة يناير 2011 ويقف في منطقة وسط بين اليمين واليسار، بعد أن أحدثت انتخابات الوفد منذ حوالي شهر ونصف، وهو أكبر الأحزاب المصرية، جدلاً سياسيًا بفعل فوز شخصيات غير متوقعة عدّت مؤشراً على أن هناك حراكا جديدا يلوح في الأفق.
وعكست استعدادات الحزب الديمقراطي تركيزا لافتا على الانتخابات، حيث عقد مؤتمرات صحفية للتعريف بالمرشحين وأولت وسائل الإعلام المحلية اهتماما بعملية الاقتراع التي أشرف عليها المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي).
وعبرت عن وجود رغبة مزدوجة لدى الحزب والنظام المصري الحاكم للتأكيد على أن هناك تغيرا حقيقيا على الأرض، وأن الأوضاع أضحت ممهدة لممارسة سياسية أكثر انفتاحاً وتطوراً تستطيع من خلالها الأحزاب والقوى المختلفة ممارسة دورها.
وسعى القائمون على قيادة الحزب لإعادة تذكير المواطنين بأنشطته ورؤاه السياسية الواعدة التي طرحها من قبل، وتَأكد أن الاكتفاء بنشاط أعضائه في البرلمان لم يحقق المرجو منه لانخفاض الثقة في تصورات مجلس النواب بوجه عام، علاوة على حاجة الحزب إلى العمل على الأرض لبناء قواعد جديدة وعدم الاقتصار على القيادات النخبوية وتمتين العلاقة بين نوابه في البرلمان الذين حصلوا على مقاعدهم بالقوائم المغلقة ومن خلال تحالفات عقدها الحزب مع تيارات مؤيدة للحكومة.
وتكتسب الانتخابات الداخلية للأحزاب المصرية أهمية، حيث تترتب عليها وضعية تفوق مسألة قيادة الحزب في المرحلة المقبلة، لأن ضعف غالبيتها وعدم قدرتها على خلق قواعد جماهيرية في الشارع جعلا رؤساء الحزب في موقع سياسي قليل التأثير.
وقال نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي للشؤون الحزبية إيهاب الخراط: إن الحزب شهد تراجعا في عضويته حتى وصل إلى عدة مئات، ومع الإعلان عن الاستعداد للانتخابات ارتفع الرقم كثيرا، ولديهم رغبة في جذب المزيد من الأعضاء، مثلما كان الحال قبل ثمانية أعوام.
وأضاف أن الانتخابات ستفرز تفاعلات بين الأعضاء وتظهر كوادر سياسية واعدة لديها رؤى جادة للتعامل مع المشكلات الداخلية، ما زاد المنافسة بين ثلاث قوائم انتخابية تضم أجيالا مختلفة، تتراوح بين كبار السن وجيلي الوسط والشباب، ما دفع بعدد من الأعضاء إلى البحث عن مستقبل ينبع من الوصول إلى مناصب قيادية داخله.
وأجرى الحزب انتخاباته القاعدية في 19 أمانة جغرافية في الفترة الماضية، وتنافس على رئاسته في الانتخابات التي جرت الجمعة كل من فريد زهران رئيس الحزب ويخوض الانتخابات على رأس قائمة “التقدم”، وحنا جريس عضو مجلس الشيوخ على رأس قائمة “التغيير”، ونجلاء قطب عضو الهيئة العليا للحزب على رأس قائمة “الاستقلال”.
وأشار الخراط إلى أن الانتخابات آلية مناسبة لتكتسب الأحزاب حيوية جديدة، وتتيح الفرصة أمام ظهور قيادات لتتبادل الأدوار في ما بينها، وتتبادل الأفكار وتحفّز القيادات القديمة على ابتكار أفكار خلاقة ومواجهة العشرات من الأسئلة حول طريقة إدارتها ومواقفها السياسية بشأن القضايا المطروحة حاليا.
وثمة توافق بين العديد من المراقبين على أن المرحلة المقبلة سوف تكون فيها الأحزاب حاضرة وفاعلة بصورة كبيرة من خلال مشاركتها في الحوار السياسي، والذي يتطلب ظهور وجوه جديدة وخطابات متطورة تستطيع استغلال الهامش المنتظر إتاحته أمامها للحركة كي تتمكن من إعادة صياغة علاقتها مع النخب والعناصر التي انجذبت إلى القوى السياسية التي بزغت عقب ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إكرام بدرالدين أن الممارسة الديمقراطية نقطة التقاء مشتركة بين الانتخابات الحزبية والحوار السياسي، وهناك رسائل عدة تشي بضرورة الاهتمام بفكرة التعددية التي ينطوي عليها الحوار والانتخابات أيضا، والبحث عن أشكال وأساليب جذابة للتعامل مع المشكلات على المستوى الوطني.
وقال إنه في حالتي الحوار والانتخابات سيكون هناك تمثيل لقطاعات واسعة بحاجة إلى أن تكون حاضرة بشكل فاعل، وفي الحالة الحزبية ستكون المنافسة بين قوائم تضم أجيالا من الوسط والشباب والكبار، كما يتيح الحوار فرصة أمام مشاركة جميع الفئات المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدني.
وتوقع إكرام بدرالدين أن تشهد الفترة المقبلة درجة مقبولة من تعددية الآراء والحريات وإتاحة الفرصة أمام ظهور حلول مبتكرة للتعاطي مع الملفات الداخلية، وأن الحوار نفسه يتيح فرصة مواتية لحل الخلافات بين الحكومة والمعارضة بطريقة سلمية ويفسح المجال لمناقشات تؤدي إلى توافقات سياسية بين قوى مختلفة.
وأرسلت الحكومة إشارات إيجابية من خلال سماحها بإجراء انتخابات حزبية شفافة وعدم التدخل فيها، وهو ما ظهرت تجلياته في انتخابات حزب الوفد، وبعدها نقابة المهندسين، ثم حزب النور السلفي.
وأرادت الحكومة التأكيد أن هناك أجواء جديدة من الانفتاح أمام الأحزاب والقوى السياسية والمجتمع المدني للتعبير عن نفسها وإعادة ترتيب أوراقها وأنها لن تمانع في حرية الحركة أمامها، بما يسهم في نجاح الحوار السياسي.
وتخشى الحكومة أن يواجه الحوار المنتظر معضلة ضعف الأحزاب والقوى السياسية التي لعبت ممارسات بعض الأجهزة التابعة للحكومة دورا في تشرذمها بعد تضييق الخناق على حركتها في الشارع، ومن مصلحتها أن تسترد قدرا من عافيتها الآن، لأنها تصب في صالح النظام الحاكم.
وقد لا تجد الوجوه السياسية التي قبعت على رأس المشهد الحزبي في السنوات الماضية وارتمت في أحضان الحكومة فرصة للاستمرار في مواقعها، لأن الإصلاح السياسي المنشود بحاجة إلى وجوه مختلفة عن تلك التي فشلت في نقل معاناة المواطنين والدفاع عن مصالحهم، وربما تتطلب عملية ترميم العلاقة بين الأحزاب والمجتمع إجراء تغيير جذري على مستوى الكوادر القادرة على التكيف مع نبض الشارع.
ومن المهم توفير دعم للأحزاب التي لها حضور في الشارع، ودمج الأحزاب الصغيرة ذات التوجه الأيديولوجي الواحد، ولن يكون من المقبول وجود عشرات من الأحزاب المعبرة عن التيار الليبرالي ومثلها عن اليسار والوسط.