بعد دورها في غزة.. مصر تضمن “خيارين أميركيين” بشأن سد النهضة

انعكس نجاح الوساطة المصرية في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس على عدة أصعدة، وأثنى قادة دول عديدة، على رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، بجهود مصر في إحلال الأمن والاستقرار بالمنطقة، بينما تبحث القاهرة عن حلول لحماية أمنها المائي.

والاثنين، قال بيان للبيت الأبيض إن الرئيس بايدن أعرب، في ثاني مكالمة هاتفية مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، عن شكره لمصر على “دبلوماسيتها الناجحة وتنسيقها مع الولايات المتحدة لإنهاء الأعمال العدائية الأخيرة في إسرائيل وغزة وضمان عدم تكرار العنف”.

ويطرح النجاح الدبلوماسي المصري في غزة تساؤلات بشأن انعكاسه على ملفات شائكة في أجندة مصر الخارجية، وأهمها أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق.

وتعتبر مصر السد تهديدا لها، كما يشعر السودان بالقلق بشأن سلامته وتنظيم تدفقات المياه عبر سدوده ومحطات المياه لديه.

المعادلة صعبة
وفي هذا الإطار، يقول عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أيمن سلامة،” إن “المعادلة الآن أصبحت صعبة فيما يخص استثمار الجهود المصرية المثمرة بوقف إطلاق النار بين المتحاربين”.

وأوضح قائلا: “الولايات المتحدة لها مصالح استراتيجية مع إثيوبيا في القرن الأفريقي، وكذلك مصالح استراتيجية وعلاقات تحالف مع مصر منذ 1980”.

وتطرقت المكالمة الثانية بين بايدن والسيسي إلى أزمة سد النهضة، حيث أقر الرئيس الأميركي “بمخاوف مصر بشأن الوصول إلى مياه نهر النيل، وشدد على اهتمام الولايات المتحدة بالتوصل إلى حل دبلوماسي يلبي الاحتياجات المشروعة لمصر والسودان وإثيوبيا”.

ويرى سلامة أن الموقف الأميركي تجاه ملف سد النهضة يتمثل في “الدبلوماسية والمفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي” مشيرا أيضا إلى أن “دولا عظمى مثل بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا أكدت أن الحلول الدبلوماسية والمفاوضات هي الحل الوحيد والوسيلة الوحيدة لتسوية النزاع”.

أما الخبير الأمني المصري سمير راغب فيعتقد أن نجاح الهدنة المصرية سينعكس إيجابيا على العلاقات المصرية الأميركية على جميع الأصعدة، قائلا : “واشنطن كانت تعول كثيرا على دور القاهرة، والاتصالان الأخيران بين بايدن والسيسي يعكسان ذلك”.

ويرى راغب أن طرح اسم الولايات المتحدة كوسيط للحل سيكون “محرجا لإثيوبيا في حال رفضه”، مشيرا إلى أن أميركا من الدول المانحة لأديس أبابا، وبينهما قضايا عالقة مثل ملف تيغراي.

وكانت واشنطن أعلنت فرض قيود على المساعدات الاقتصادية والأمنية لإثيوبيا بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الصراع في منطقة تيغراي الواقعة في شمال البلاد.

وعن كيفية استغلال القاهرة لتواصلها الأخير مع واشنطن لحل الأزمة مع إثيوبيا، يقول راغب إنه في حال عدم وجود وساطة أميركية، فإن مصر على الأقل “ستضمن عدم وجود فيتو أميركي” في حال وصل ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي.

مناورات “حماة النيل”
وبالتزامن مع هذه التطورات، وصلت قوات مصرية، السبت الماضي، إلى قاعدة الخرطوم الجوية للمشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة مع الجيش السوداني تنطلق الثلاثاء وتستمر حتى 30 مايو الحالي.

وتأتي التدريبات التي أطلق عليها اسم “حماة النيل”، امتدادا لتدريبات مشتركة بين قوات من سلاح الجو المصري والسوداني تحت مسمى “نسور النيل”.

وعن أهمية هذه المناورات وانعكاساتها في الوقت الحالي، قال سلامة إنها “الأكبر في تاريخ الجيشين، ولا يمكن التكهن بأنها تعني تدخل عسكري مرتقب في إثيوبيا”.

وأضاف “الدول تقوم بعرض العضلات لدفع الخصم إلى الرجوع عن العدائيات التي قام بها” والعدائيات من وجهة نظر مصر هي “التهديدات المائية لحياة وبقاء ومصير الشعب المصري”.

وفي أبريل الماضي، حذر السيسي إثيوبيا من خطر نشوب صراع بسبب سد النهضة، وذلك بعد انتهاء محادثات شاركت فيها الدولتان والسودان دون إحراز تقدم.

من ناحيته أكد راغب أن هذه المناورات هي “الأولى بهذا الحجم، وبمشاركة القوات البرية والبحرية والجوية”.

وقال إنها “تعزز العلاقات والتضامن بين مصر والسودان”، لافتا إلى استفادة جيشي البلدين على المستويين التكتيكي والعملياتي وكذلك الروح المعنوية”.

وبعيدا عن سد النهضة، يخوض السودان وإثيوبيا أيضا نزاعا حدوديا على منطقة الفشقة التي يقول السودان إنها جزء من حدوده الدولية المعترف بها والتي استوطنها مزارعون إثيوبيون على مدى عقود.

لكن راغب أوضح أن مناورات حماة النيل “ليست في مناطق محاذية لإثيوبيا” وبالتالي غير موجهة لإثيوبيا، لكنه عاد ليقول إن اسم “حماة النيل” يكفي، ويحمل “رسالة واضحة، وعلى الباغي تدور الدوائر”.

وتهدف التدريبات إلى توحيد المفاهيم القتالية والتنسيق المشترك لحماية المصالح الاستراتيجية للبلدين.

وكانت تدريبات نسور النيل قد انتهت في الرابع من أبريل الماضي، بعد مناورات أجراها الجيش السوداني والمصري في قاعدة “الفريق أول عوض خلف الله الجوية” في مدينة مروي السودانية.

وشارك في التدريبات، آنذاك، عناصر من القوات الجوية والصاعقة والقوات الخاصة، السودانية والمصرية.

وتجري الجارتان تدريباتهما في الوقت الذي لا يزال فيه الخلاف قائما مع إثيوبيا بشأن ملء سد النهضة، الأمر الذي سيؤثر على مستوى تدفق مياه النيل إليهما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى