هل يكشف الغطاء عن بصرنا لحظة خروج الروح؟!
هل يكشف الغطاء عن بصرنا لحظة خروج الروح؟!
يقول الأطباء إن نشاطا كهربائيا للدماغ يحدث بعد وفاة مرضاهم وتوقف كافة الأجهزة الداخلية للجسم!
ما هو الغطاء الذي يكشف عن بصرنا لحظة الموت فيصبح البصر حادا؟ وهل بعد رفع الغطاء سنرى ما هو محجوب عنا؟
هل رفع الغطاء عن البصر هو تفسير تلك الصدمة التي تجعل نشاط الدماغ عند الإنسان لثوان معدودة قبل خروج الروح تمامًا؟
ما سبب نشاط الدماغ وبقاء العين مفتوحة وقت خروج الروح من الجسد وهي تنظر إلى أعلى كما لو أنها تتبع مسارًا لأمر ما يحدث أمامها في تلك اللحظات؟
هل تلتقي دراسات علماء وأطباء الأعصاب مع رفع الغطاء، وفي أي لحظة بالضبط يكشف الغطاء ولماذا، وماذا نرى حين يكشف الغطاء، وهل سيبقى مكشوفًا بعد الموت؟!
* * *
ما أكتبه هنا ليس شريعة، وليس من الدين، وليس إفتاءً، هو محاولة للفهم فقط.
وأود أن أوضح بداية أن القرآن الكريم ليس كتاب قصص، وليس كتاب علوم، أو كتاب تاريخ، ولا يجوز أن تخضعه لقوانين العلم والاكتشافات أو غيرها. التحدي الوحيد في القرآن كما وردت في آياته: أن يأتوا بمثله.
ولم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية مصطلح “المعجزة”.
وفي كل ما يتعلق في فهم وتدبر القرآن فإنني استفتي قلبي ولا أذهب إلى كتب التفاسير التي تفقدك التركيز بكثرة الروايات، رغم قيمتها العظيمة، وأطبق قاعدة “استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك”.
من آيات القرآن الكريم التي لا تغادر ذاكرتي في فترة مبكرة من عمري، الآية 22 في سورة (ق): “لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد”، والتي جاءت بعد آية: “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد”.
ما هو الغطاء الذي يكشف عن بصرنا لحظة الموت فيصبح البصر حادا؟ وهل بعد رفع الغطاء سنرى ما هو محجوب عنا؟
يقول الأطباء إن البصر العادي للإنسان، يعمل ضمن نطاق محدد للرؤية، والعين ترى الأضواء في نطاق ما بين الأشعة الحمراء والأشعة البنفسجية، رغم وجود ألوان أو أضواء أخرى ذات ترددات وموجات ضوئية عديدة مختلفة في الكون، لكن عيوننا لا ترى إلا في ذلك النطاق.
هل رفع الغطاء عن البصر هو تفسير تلك الصدمة التي تجعل نشاط الدماغ عند الإنسان لثوان معدودة قبل خروج الروح تمامًا؟
يقول الأطباء إن نشاطا كهربائيا للدماغ يحدث بعد وفاة مرضاهم وتوقف كافة الأجهزة الداخلية للجسم، وتساءلوا عن سبب ذلك النشاط، وبقاء العين مفتوحة وقت خروج الروح من الجسد وهي تنظر إلى أعلى، كما لو أنها تتبع مسارًا لأمر ما يحدث أمامها في تلك اللحظات.
البعض ممن تعرضوا لحوادث كادت تودي بحياتهم و”اقتربوا من الموت” Near Death Experience وعادوا مَروا بأحداث وأماكن مختلفة، منهم من وصفها بالطيبة والجميلة ومنهم من وصفها بالشر والعذاب. من أكثر التشابهات التي رويت في تلك الحوادث مرور الشخص بنفق إما أبيض أو مظلم حتى يصل إلى نور أبيض.
لا يوجد تفسير علمي حاسم للظاهرة، لكن بعض العلماء حاول تفسيرها على أن العقل الباطن هو من يفتعل تلك الأحداث وتلك الأماكن لتسهيل عملية الموت وتقبله.
يقول المختصون إنها عملية انفصال مؤقت وغير تام، تتيح للنفس أثناء هذا الانفصال أن ترى نوعا من الرؤى والمشاهدات الروحية لجوانب من العالم الآخر. وبالرغم من اختلاف الثقافات والديانات، فإن هذه الظاهرة تحدث في نمطية تكاد تكون متشابهة.
ومن أشهر القصص الخاصة بتجربة الاقتراب من الموت (NDE) أن ذكريات وحياة الشخص تومض أمام عينيه، مع إحساسه بمغادرة جسده، وفي الغالب يرى الإنسان وجهه وجسمه، ويسافر باتجاه ضوء يلوح عند نهاية نفق، ويشعر بالتوحد مع شيء كوني عظيم.
ويتذكر العديد من المرضى الطيران عبر أنفاق طويلة ومظلمة، وعادة ما يكون لهذه الأنفاق ضوء ساطع في النهاية البعيدة، والذي يفسره الكثير على أنه السماء.
وفي الحالات التي يواجه فيها المرضى كائنات أخرى، غالبا ما توصف هذه الكائنات بأنها كائنات مصنوعة من ضوء نقي.
وليس غريبًا أن يعتبر الكثيرون تجربة “الاقتراب من الموت” دليلًا على أن هناك حياة بعد الموت؛ لأن أوصاف مغادرة المرء لجسمه والتوحد مع الكون تبدو كما لو كانت تقريبا من نصوص المعتقدات الدينية الخاصة بمفارقة الروح للجسد بعد الموت.
لكن الغريب، بحسب دراسات عديدة، أن هذه التجارب كانت مشتركة بين أفراد ينتمون إلى طائفة عريضة من الثقافات والأديان، ومن ثم لا يحتمل أن تكون كل هذه التجارب انعكاسا لتطلعات دينية بعينها.
في مقال الباحث في مجال العلوم والخبير في مجال التنكس العصبي، روبرت مارتون، يكشف عن دراسة مقارنة بين قصص رواها 625 شخصا مروا بتجربة “الاقتراب من الموت”، وقصص جمعت من أكثر من 15 ألف شخص تعاطوا واحدا من 165 عقارا من العقاقير النفسية المختلفة. عندما تم تحليل هذه القصص لغويا وجد الباحثون تشابهاً بين ذكريات “الاقتراب من الموت” وتعاطي العقاقير لدى الأشخاص الذين تعاطوا نوعا معينا من العقاقير.
وتقول نظرية شائعة إن تجارب “الاقتراب من الموت” هي هلوسة ناتجة عن نقص الأكسجين في الدماغ أثناء السكتة القلبية.
لكن طبيب الأعصاب الألماني فيلفريد كون الذي يبحث في الموضوع منذ نحو ربع قرن يؤكد أن “العلم يصل هنا إلى حدوده القصوى.. يمكن بالطبع أن يكون سبب ذلك نقص الأكسجين أو تأثير الأدوية فتحدث تلك الهلوسة، لكن إذا كان الأمر مجرد أوهام، فكيف يمكن للمريض رؤية الأشياء وهو ميت سريريُّا؟!”.
يعتقد الخبراء أن هذه الظاهرة مرتبطة بتداخل حالات النوم وحالات الاستيقاظ بعضها في بعض. يدخل الدماغ حالة تعرف بـ”حركة العين السريعة” حينما يكون الدماغ نشطًا أثناء اليقظة وفي نفس الوقت يبدو الحلم أكثر وضوحا تؤدي دائما إلى حالة من الشلل المؤقت فيكون الشخص بين اليقظة والنوم.
ويؤكد ذلك طبيب الأعصاب في جامعة كوبنهاغن دانييل كوندزيلا أنه وزملاءه “أكدوا ارتباط تجارب الاقتراب من الموت بتسلل حركة النوم السريعة إلى العين”.
من المشاهير الذين مروا بهذه التجربة -لا أعرف مدى دقتها- الشاعر محمود درويش، مر بها مرتين، الأولى عام 1984، والثانية عام 1998، خلال إجراء عملية سريعة لقلبه المنهك، وكانت احتمالية النجاة قليلة جدا، فهل وقع درويش تحت تجربة “الاقتراب من الموت”؟
وفي آخر ما نشر حول “الاقتراب من الموت” هذا العام أنه قام فريق من العلماء بقياس الموجات الدماغية لمريض مصاب بالصرع يبلغ من العمر 87 عاما، وأثناء القيام بتسجيل استجاباته العصبية، أصيب المريض بنوبة قلبية قاتلة، مما قدم للعلماء تسجيلًا غير متوقع لدماغ شخص يُحتضر.
وكشفت نتائج ذلك أنه في 30 ثانية قبل وبعد موت المريض، اتبعت الموجات الدماغية للرجل نفس الأنماط التي عادة ما تتبعها خلال الحلم أو استرجاع الذكريات.
وكتب علماء الفريق في دراستهم أن نشاط الدماغ من هذا النوع قد يشير إلى أن “رؤية شريط حياتنا” النهائي قد يحدث بالفعل في اللحظات الأخيرة من حياة الشخص.
وقال جراح الأعصاب في جامعة لويفيل أجمل زمار المؤلف المشارك في الدراسة إن “ما حصل عليه الفريق عن طريق الخطأ، كان أول تسجيل على الإطلاق لدماغ شخص يُحتضر”.
وقال إنه “في غضون 30 ثانية قبل توقف قلب المريض عن إمداد الدماغ بالدم، اتبعت موجاته الدماغية نفس الأنماط التي تتبعها عندما نقوم بمهام تتطلب مهارات معرفية عالية، مثل التركيز أو الحلم أو استدعاء الذكريات”.
واستمر ذلك إلى ما بعد 30 ثانية من توقف قلب المريض عن النبض، وهي النقطة التي يُعلن عندها عادة موت المريض.
وتثير الدراسة أيضا أسئلة حول متى بالضبط تنتهي الحياة: هل تتوقف عندما يتوقف القلب عن النبض أم عندما يتوقف الدماغ عن العمل؟
وقدم لي الدكتور أنيس إيراني تجربته في “العودة من الموت” حين علق على صفحتي على الفيسبوك بقوله: “أنا طبيب أخصائي باطني وغدد صماء. قبل أن يحدث لي ما حدث كنت اعتقد أن (تجربة الاقتراب من الموت) NDE ممكن أن تفسر بنقص التروية لأماكن معينة في الدماغ، وإفراط في عمل مناطق أخرى، حتى كان ما كان قبل 4 سنوات، أنا مت ورجعت بعد الإنعاش، الإنعاش (CPR) استغرق 35 دقيقة أو أكثر، كنت في مكان غير محدود لا وجود لوقت فيه ولا وجود للحيز فيه. أفضل كلمة وصف تقال كانت أني كنت بلا حدود ومطمئناً. أول كلمة قلتها بعد أن أعادني زملائي الأطباء “لماذا أرجعتموني”، فقالوا: “هل هذا بدل أن تشكرنا!”
فتذكرت أنهم لم يكونوا ليعرفوا أين كنت فاعتذرت، وكتمت ما حدث في نفسي الى حين. لمدة ستة أشهر بقيت أصف لأهلي بأنني أشعر أنني محبوس في جسمي لأنني عندما كنت في الحياة الأخرى كنت حراً طليقاً بدون جسم، وكما أنني وأنت نعلم أننا أحياء بدون أن يكون هناك حاجة لأحد أن يبلغك أنك على قيد الحياة، فإنني أول ما وصلت هناك كنت أعلم أنني ميت من دون أن يعلمني أحد بذلك، طبعا في بحثي عن تفسير ما حدث أنا الآن مقتنع أن هذا ليس كما كنت اعتقد (ليس عدم تروية أو إفراط في عمل Amygdala nucleus). الطمأنينة التي أحسست بها مذكورة في القرآن (يا أيتها النفس المطمئنة) كشف الغطاء والخ …أنا لست أدعي أني اعرف أي شيء، أنا أروي تجربتي”. وهنا تنتهي شهادة الدكتور إيراني.
أخيرًا: هل تلتقي دراسات علماء وأطباء الأعصاب مع رفع الغطاء، وفي أي لحظة بالضبط يكشف الغطاء ولماذا، وماذا نرى حين يكشف الغطاء، وهل سيبقى مكشوفًا بعد الموت؟!