صفقة بايدن.. أوروبا تستبدل الغاز الروسي باتفاق أمريكي
اتفقت الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي، على زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا لخفض اعتماده على الغاز الروسي.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستوفر 15 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا هذا العام، وأضاف بايدن أن هذه الخطوة تهدف أيضًا إلى “تسريع” الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
الروبل مقابل الغاز الروسي
أدى طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء، بشأن مدفوعات الروبل إلى ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية وزاد من المخاوف بشأن تعطل الإمدادات في الاتحاد الأوروبي، الذي يحصل على نحو 40% من احتياجاته من الغاز من روسيا. وأكثر من ربع وارداته النفطية.
وقال الكرملين اليوم الجمعة إن الرئيس فلاديمير بوتين أمر شركة جازبروم، عملاق الطاقة الروسي، بقبول مدفوعات صادراتها من الغاز الطبيعي بالروبل وإنه يجب عليها تحديد كيفية القيام بذلك في غضون الأيام الأربعة المقبلة.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن شركة نوفاتك أكبر منتج روسي للغاز الطبيعي المسال لم تتلق مثل هذه التعليمات.
انزعاج أوروبي
وقوبلت هذه الخطوة بالانزعاج في أوروبا وقالت كثير من الشركات إن العقود مع جازبروم تنص على أن يتم الدفع باليورو أو بالدولار الأمريكي وليس بالروبل الروسي.
وخلال قمة الاتحاد الأوروبي، في بروكسل أمس الخميس، اعتبر زعماء بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن مطالبة روسيا استخدام الدول “غير الصديقة” الروبل لشراء النفط والغاز خرق لعقود التوريد.
لكن دول الاتحاد لا تزال منقسمة بشأن فرض عقوبات مباشرة على النفط والغاز الروسيين، وهي خطوة اتخذتها بالفعل الولايات المتحدة.
أوضح المستشار الألماني أولاف شولز أن العملة التي يتعين على الشركات الألمانية دفعها مقابل الوقود الأحفوري الروسي محددة في عقودها التي تنص على استخدام اليورو أو الدولار، وهو ما أيده أيضًا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي.
ووافقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على ذلك أيضًا، وقالت إن هذه الخطوة كانت محاولة للالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، وشددت على أن الكتلة “لن تسمح بالالتفاف على عقوباتها وأن “الوقت الذي يمكن فيه استخدام الطاقة لابتزازنا انتهى”.
قال الرئيس الليتواني، جيتاناس ناوسودا إنه “لا يخاف” من طلب بوتين، لأن لاتفيا لا تستورد النفط الخام الروسي ويمكن أن تحل محل الغاز الروسي بالغاز الطبيعي المسال من أماكن أخرى، فيما أكد رئيس الوزراء السلوفيني، يانيز جانسا، أن بلاده “لن تدفع بالروبل”.
الغاز الروسي
من شأن تعطيل واردات النفط والغاز الروسية أن يلحق الضرر ببعض دول الاتحاد الأوروبي أكثر من غيرها، إذ تتلقى ألمانيا، أكبر مستهلك للطاقة في أوروبا، 18% من صادرات الغاز الروسية و11% من نفطها.
ابرمت شركة غازبروم، المصدر الرئيسي للغاز في روسيا، أكثر من 40 اتفاقية غاز طويلة الأجل مع نظرائها الأوروبيين، حيث تدفع أوروبا مئات الملايين من اليوروهات يوميًا لموسكو مقابل الوقود الأحفوري.
وفقًا لشركة غازبروم، تمت تسوية نحو 97% من مبيعات الغاز إلى أوروبا ودول أخرى اعتبارًا من 27 يناير/كانون الثاني، باليورو أو الدولار الأمريكي.
بيان مشترك
وأفاد بيان مشترك من الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية اليوم بأن الولايات المتحدة ستعمل على ضمان مدادات غاز طبيعي مسال إضافية لسوق الاتحاد الأوروبي بما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب في 2022 مع توقع زيادات في المستقبل.
وأفاد البيان بأن المفوضية ستعمل على توحيد الطلب من خلال منصات طاقة جديدة لإمدادات الإضافية بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت أنها ستعمل على ضمان استقرار الطلب على الغاز الطبيعي المسال الإضافي من الولايات المتحدة عند نحو 50 مليار متر مكعب سنويا حتى عام 2030 على الأقل.
وقال بايدن للصحفيين “نتحد لتقليل اعتماد أوروبا على الطاقة من روسيا… يجب ألا ندعم هجوم بوتين الوحشي على أوكرانيا”.
قال محللون نظرا لأن المحطات الأمريكية تنتج الغاز الطبيعي المسال بكامل طاقتها بالفعل، فإن معظم الغاز الإضافي المتجه إلى أوروبا سيكون على حساب صادرات كانت ستذهب إلى مناطق أخرى من العالم.
موقف ألماني
وأعلنت ألمانيا أنها ستخفض بشكل حاد اعتمادها الكبير على موارد الطاقة الروسية باستغنائها عن واردات الفحم بحلول الخريف وعن واردات النفط بحلول نهاية العام.
من ناحية أخرى، يبدو ان العملية ستستغرق المزيد من الوقت بالنسبة للغاز.
وقال نائب المستشار ووزير الاقتصاد روبرت هابيك في مؤتمر صحافي “اتخذنا خطوات أولى مهمة للتحرر من قبضة الواردات الروسية”.
وأفادت وزارة الاقتصاد في بيان بأنه “من المفترض أن تكون واردات النفط الروسي إلى ألمانيا انخفضت إلى النصف بحلول منتصف العام ونهدف إلى تحقيق استقلال شبه تام في نهاية العام”، مضيفة أنه “بحلول الخريف، قد نصبح مستقلين بصورة عامة عن الفحم الروسي”.
قبل غزو أوكرانيا، كانت ألمانيا تستورد ثلث نفطها وحوالي 45% من فحمها من روسيا، وفقاً لإحصاءات الحكومة الألمانية.
لكن الحكومة أوضحت أن الشركات التي تشتري المحروقات “من الموردين الروس باتت تترك العقود تنتهي ولا تجددها وتتجه إلى موردين آخرين”، بحسب الحكومة.
أما بالنسبة إلى الغاز الروسي الذي كانت ألمانيا تعتمد عليه بنسبة تفوق 55% قبل الأزمة، فستكون العملية أطول.
وتقدر الحكومة أن “الطريق لا يزال طويلاً ولن نتمكن من الاستغناء عن الغاز الروسي إلا عبر القيام بجهد جماعي”.
وتؤكد برلين أنها قد تصبح “مستقلة إلى حد بعيد عن الغاز الروسي… بحلول منتصف 2024”.
وخفضت البلاد وارداتها من الغاز الروسي في الأسابيع الأخيرة، فباتت تمثل حالياً 40%، مقارنة بـ 55% قبل غزو أوكرانيا.
وخصصت ألمانيا 1,5 مليار يورو في مطلع مارس لشراء كميات كبيرة من الغاز المسال يتم تسليمها عبر المحيط، وتأتي من منتجين مختلفين، مثل قطر والولايات المتحدة.
لكن ليس لدى ألمانيا حالياً محطة لنقل هذا الغاز، وبالتالي تعتمد على البنى التحتية الموجودة لدى جيرانها الأوروبيين.
وقالت الوزارة الخميس أن شركتي “يونيبر” و”RWE” ستحجزان بناءً على طلب الحكومة 3 محطات عائمة للغاز الطبيعي المسال هي سفن ضخمة تسمح بتلقي الغاز السائل على السواحل.