محمد خليفة.. يكتب: “الإمبراطور” قتل أمهٌ وزوجته ليحافظ علي حكمهِ !

محمد خليفة

أصبح نيرون إمبراطورًا للإمبراطورية الرومانية بعد وفاة والده بالتبني الإمبراطور “كلاديوس” عام 54 ميلادية.

كان “الإمبراطورنِيرون”  آخر حاكم لما يسميه المؤرخون سلالة “جوليو كلوديان”، وحكم حتى انتحاره في يونيو عام 68 م.

يعد نيرون واحدًا من أكثر الرجال سيئي السمعة عبر التاريخ، ففي فترة حكمه قتل والدته “أغريبينا الصغرى وزوجته الأولى أوكتافيا  ويُزعَم أنه قتل زوجته الثانية “بوبايا سابينا”، وإضافةً إلى ذلك يدعي الكتاب القدماء أن نِيرون هو من أشعل حريق روما الكبير عام 64 م لكي يعيد بناء مركز المدينة.

نُشرَت في الآونة الأخيرة قصيدة مترجمة حديثًا تصور نِيرون بصورة إيجابية، إذ تروي القصيدة تقديس نِيرون لزوجته الميتة بوبايا سابينا وتختم بأن سابينا تعتني بنيرون من السماء. تفاجأ الباحثون عند اكتشافهم هذا النص الذي يصرَّح بأن نِيرون في مرتبة الآلهة ويعود تاريخه إلى قرابة قرنين بعد وفاة نيرون، إذ يشير ذلك إلى وجود بعض الأشخاص الذين دعموا نِيرون وأيدوه في الإمبراطورية الرومانية.

بدايات حياته

وُلِد نِيرون في “أنتيوم” في إيطاليا في الخامس عشر من ديسمبر عام 37 م. والده هو “جناوس دوميتيوس أهينوباربوس” مستشار روماني سابق، لكنه توفي عندما كان نيرون في سن الثالثة، أما والدته أغريبينا الصغرى فقد نفاها الإمبراطور كاليغولا واضطرت إلى ترك نِيرون الصغير عند عمته لترعاه.

عادت الأم وابنها لجمع شملهما بعد فترة وجيزة من مقتل كاليغولا واستلام الإمبراطور كلاديوس العرش.

تزوجت والدة نِيرون كلاديوس -الذي كان عمها- عام 49 م، وخططت لجعله يتبنى ابنها ويعطيه اسمًا جديدًا هو “نيرون”  من بين مدرسيه الفيلسوف المشهور سينيكا، الذي استمر في تقديم النصح لنيرون في أثناء حكمه وكتب تقريرًا يشرح فيه أسباب قتل نِيرون لوالدته.

تزوج الابن المتبنى حديثًا أخته غير الشقيقة أوكتافيا، وبذلك أصبح وريث كلاديوس الشرعي، إذ فضَّله على ابنه “بريتانيكوس” الذي توفي بُعيد تنصيب نيرون إمبراطورًا.

بعد وفاة كلاديوس عام 54 م -الذي يُعتقد أنه سُمِّم بالفطر- أصبح نيرون في سن السابعة عشر إمبراطورًا بدعم من الحرس الإمبراطوري، وفي أول سنتين من حكمه صوّرته العملات المطبوعة جنبًا إلى جنب مع والدته أغريبينا.

كتب “كاشيوس ديو” الذي عاش بين عامي 155- 235 م عن أغريبينا والدة نيرون: “أدارت عنه كل شؤون الإمبراطورية وأعمالها، إذ استقبلت السفراء وأرسلت الرسائل إلى مختلف الجاليات والحكام والملوك”.

(الترجمة من كتاب «نيرون سيزر أوغسطس: إمبراطور روما» لديفيد شوتر، بيرسون، 2008)

 

قتل نيرون والدته

يبدو أن علاقة نِيرون بوالدته قد انهارت بعد سنتين من توليه الحكم، إذ لم تعد تُطبَع صورها على العملات بعد عام 55 م ويبدو أنها قد فقدت نفوذها لصالح كبار مستشاري نيرون مثل الفيلسوف سينيكا وقائد الحرس الإمبراطوري بوروس الذي كان يقدم له النصح في الشؤون العسكرية.

وفقًا للسجلات الرسمية، أعطى نيرون الأوامر بقتل والدته عام 59 م لأنها كانت تخطط لقتله. ولكن مهما كانت الأسباب فقد عرف نِيرون أن هذا القرار سيعود ليؤثر علي مستقبله السياسي. كتب “ديفيد شوتر” أستاذ التاريخ في جامعة “لانكستر” في كتابه : سببت الجريمة التي ارتكبها نِيرون حالة من الاشمئزاز والقرف في العالم الروماني، لأن الأم من أقدس الرموز ضمن العائلة الرومانية.

أمر نيرون قوات البحرية بإغراق القارب الذي كانت تبحر فيه أمه ولم يأمر الحرس الإمبراطوري بذلك لأنه لا يثق بهم لتنفيذ عملية القتل. فشلت المحاولة الأولى لأن الأم تمكنت من السباحة إلى الشاطئ، فأمر نيرون القوات بتنفيذ العملية مباشرةً.

كتب “تاسيتوس” والذي عاش بين عامي 56 – 120 م- أن أغريبينا قالت للقوات عندما جاءت لقتلها: «إذا أتيتم لتروني فبلغوا أن أغريبينا نجت من حادثة القارب الغارق، لكن إذا أتيتم لتنفذوا جريمة فأنا لا أصدق أن ابني قد يصدر أمرًا بقتل والدته.

(الترجمة من كتاب «نيرون» تأليف “يورجن ماليتز” ، ونشرته دار “بلاكوويل” عام  2005)

حاول نيرون تعزية نفسه وتخفيف جريمته بالتهليل لأعماله واعتبارها إنجازًا يستحق التصفيق. فقد كتب سينيكا بنفسه إلى مجلس الشيوخ تقرير نيرون عن جريمة القتل، وقال أعضاء مجلس الشيوخ إنهم اعتقدوا أن حياته كانت في خطر وهنؤوه على قتل والدته.

قتل نيرون زوجته

لم يكن زواج نيرون بأوكتافيا سعيدًا، إذ لم تمنحه وريثًا وانفصلا بحلول عام 62 م. في تلك السنة طلق نِيرون أوكتافيا ثم اتهمها بالزنى وقتلها.

ربما قرر نِيرون قتل أوكتافيا لحماية منصبه الإمبراطوري، إذ يرى  الكاتب “شوتر” أن قدرًا كبيرًا من شرعية نِيرون بوصفه إمبراطورًا أتت من زواجه من ابنة كلاديوس، وليس فقط لأنه ابنه المتبنى.

وكتب  “سيتونيوس” : بعد عدة محاولات فاشلة لخنقها، طلق نيرون أوكتافيا بسبب عقمها، ولكن الناس عدّوا تطليقه إياها قاسيًا ووحشيًا ووبَّخوه علانيةً، لذا أقدم على نفيها وفي النهاية حكم عليها بالموت بتهمة الزنى التي كانت تهمة باطلة وغير صحيحة. وبعد أن تمسك جميع من عذبهم نيرون ببراءتها، أقدم على رشوة معلمه السابق أنيسيتوس ليدلي باعتراف كاذب مفاده أنه انتهك عفة أوكتافيا عن طريق خدعة..

وللحديث بقية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى