راهبة تروي تفاصيل مروعة عن اغتصاب نساء “تيغراي” على يد الجيش الاثيوبي
نشرت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية، شهادة راهبة تعمل في إقليم ”تيغراي“ الإثيوبي، كشفت من خلالها الأوضاع المروعة، والفظائع التي يشهدها الإقليم.
وأشارت الصحيفة، في التقرير الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، إلى أنها لم تكشف هوية الراهبة؛ حفاظا على سلامتها، حيث تعمل في ”ميكيلي“، عاصمة الإقليم، على مساعدة آلاف المشردين، المكدسين داخل معسكرات، على أمل العثور على ملاذ آمن، وطعام، مع منع المساعدات الدولية من الوصول إليهم إلى حد كبير، كما أن القمع واسع النطاق يؤدي إلى القبض على المدنيين في الأرياف، ثم نقلهم إلى سجون تشهد تكدسا واسعا للنزلاء.
ونقلت الصحيفة عن الراهبة قولها، في الشهادة التي أدلت بها: ”بعد شهور قليلة، أنا سعيدة للغاية كوني لا أزال على قيد الحياة، فسوف نرحل إلى معسكرات المشردين، ومراكز الجاليات التي يتواجد فيها كثيرون، وهي في حالة يرثى لها“.
وأضافت قائلة: ”مقارنة بالوضع في مناطق أخرى، فإن ”ميكيلي“ أفضل كثيرا، رغم أنني كنت أعتبرها فوضوية، كون ما يتراوح من 40 إلى 65 شخصا ينامون في حجرة واحدة. من بين 3 إلى 6 آلاف شخص، توجد 4 دورات للمياه للرجال، ومثلها للسيدات، الصرف الصحي هش للغاية والمياه غير متوافرة دائما، ومن الصعب العثور على الطعام والدواء“.
وتواصل الراهبة شهادتها فتقول: ”الناس هنا منذ 3 إلى 4 أشهر، ولا يزالون بدون أغطية، وعدد المشردين المحليين يرتفع يوميا، ربما يحضر ما يقرب من 100 شخص كل يوم من أسوأ مناطق الصراع، وبالتالي فإن الطلب لا يتواكب مع الإمدادات، المتواجدون هنا يحاولون المساعدة، ولكنهم لا يملكون الكثير، لا أحد يستطيع سحب أي أموال من البنوك، ولا توجد أعمال تجارية جارية، ولكنهم يحاولون بذل كل ما يملكون“.
ومضت تقول: ”تطورت الأمور سريعا. بالنسبة لنا كانت الحرب صادمة ومفاجئة. كانت لدينا حياة طبيعية، الأمور تتحسن، المراكز الطبية وبرامج التعليم. وصلنا إلى 24 ألف طفل، وكانت لدينا خطط للتوسع في برنامج الغذاء المدرسي، ولكن كل هذا توقف نتيجة فيروس ”كورونا“، ثم في يوم ما، اندلعت حرب واسعة النطاق، الآن ومع مرور 3 أشهر، نحاول إطعام 25 ألف مشرّد في 23 مركزا، بعضها على بُعد 75 ميلا من ”ميكيلي“.
وتابعت بقولها: ”كانت هناك بعض المؤشرات العام الماضي، تم إغلاق الطرق، وتقليص الميزانية المخصصة للمنطقة، وعندما تعرضنا لهجمات الجراد لم يكن لدينا أي دعم من الحكومة المركزية. لم يتم السماح للتلاميذ في المدارس بارتداء أقنعة الوجه، كانت هناك الكثير من الإهانات، والكثير من أعمال التفرقة، ولكن الحرب لم تكن متوقعة، كانت مفاجئة. أصيب الناس بصدمة عنيفة، وبعضهم فقد ذويه سريعا، ويشعر آخرون بالقلق ولا يعلمون أين يتواجد باقي أفراد عائلاتهم. بعضهم أجبر على الهروب إلى الأدغال، وتم احتلال منازلهم، الناس يشعرون بالتوتر والحزن والغضب، إنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء المستقبل“.
وتضيف الراهبة في شهادتها: ”قابلت شخصا كبيرا في السن، تعرّض للتشريد 3 مرات في حياته، كلها نتيجة الحروب العرقية، إلا أن هذه الأوضاع جديدة بالنسبة للشباب في سن الثلاثين إلى الأربعين. أبلغ من العمر 48 عاما، ولم أشهد أي حرب، إنه أمر غريب ومخيف، ويضعك في ظلام دامس“.
وتابعت: ”الآن في ”ميكيلي“، توقف القصف، ولكنه لا يزال قائما في أماكن ليست بعيدة عنا. الجثث يتم تركها لتؤكل في العراء، دون دفن. يحدث الاغتصاب للفتيات من 8 سنوات إلى السيدات البالغ عمرهن 72 عاما، الأمر منتشر، وأراه في كل مكان، والعدد بالآلاف. يتم الاغتصاب علانية، أمام العائلات والأزواج، وأمام أنظار الجميع. يمكن أن تتساءل ما إذا كان هؤلاء الذين يرتكبون تلك الجرائم بشر، ومن يقوم بتدريبهم على ذلك“.
وقالت الراهبة، إنه أينما وجدت القوات الإثيوبية أو الإريترية، فإن الأمر يكون مأساويا، كل امرأة معرضة للاغتصاب، ليس مرة واحدة فقط. إنه أمر متعمد. أثق في ذلك مما أشهده. هناك 70 ألف مدني يتعرضون للهجوم. الكثير من النهب والقتل والاغتصاب. المنطقة معزولة، وبعيدة عن أي دعم مستحق لهؤلاء البشر. ما هو السبب الذي يدفع العالم لعدم التحرك ضد تلك الفظائع، وتجاهل ما يحدث، إنه أمر مروع.
وأكدت الراهبة أنه يجب على العالم أن يدين قتل المدنيين، فقد اضطر الناس إلى مغادرة منازلهم، وتعرضت الكثير من النساء والفتيات للاغتصاب والعنف الجنسي.
وختمت شهادتها بقولها: ”أودّ أن أقول للعالم، إنه في القرن الحادي والعشرين، يجب ألا يموت أحد من الجوع، عندما يكون العالم قادرا على التحرك. يجب ألا يتأخر أحد لثانية واحدة طالما أنه يستطيع أن يفعل شيئا. يجب على الجميع في العالم أن يتحرك، ويدين ما يحدث“.
وكان مجلس الأمن الدولي عبر، الشهر الماضي، عن قلقه من الوضع الإنساني في إقليم تيغراي، لا سيما إساءة معاملة النساء والفتيات.
واندلع القتال في نوفمبر/ تشرين الثاني، بين قوات الحكومة الاتحادية الإثيوبية ومقاتلي الحزب الذي كان يحكم تيغراي.
وأدى القتال إلى مقتل الآلاف وأجبر مئات الآلاف على النزوح من منازلهم في المنطقة الجبلية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة.
وكان مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارك لوكوك أبلغ مجلس الأمن، الشهر الفائت، بأن الأزمة الإنسانية في إقليم تيغراي الإثيوبي تدهورت في ظل تحديات تتعلق بإمكانية الحصول على المساعدات وموت الناس جوعا، وتقارير عديدة عن ”اغتصاب جماعي يعتدي خلاله عدة رجال على الضحية، وفي بعض الحالات تعرضت النساء للاغتصاب بشكل متكرر على مدى أيام“.
وترد تقارير عن استخدام العنف الجنسي سلاحا في الحرب الدائرة في إقليم تيغراي.