الطائرات المقاتلة قد تمنح إيران خيار إطلاق سلاح نووي
اعتبر “سايمون هندرسون” مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في “معهد واشنطن”، أن الحجة التي يرددها البعض بأن إيران حال نجاحها فى تنفيذ اختبار نووي سوف تحتاج عامين على الأقل لتصميم رأس حربي قابل للاستخدام، لا تأخذ في الاعتبار احتمال استخدام إيران طائرة مقاتلة بدلاً من الصواريخ كمنصة إطلاق.
ولفت الكاتب في تقرير له إلى أن هذه هي الطريقة التي تم استخدامها لإلقاء أولى القنابل الذرية على اليابان ولأجزاء كبيرة من القوات النووية التي طورتها الدول القادرة في السنوات اللاحقة.
وأضاف “هندرسون” أنه رغم أن هذه الطريقة لم تعد مفضلة هذه الأيام بسبب إمكانية اعتراض الطائرات بسهولة وأمور أخرى تتعلق بالقيادة والتحكم؛ وأن الصواريخ ذات الرؤوس النووية هي التي تهيمن على الترسانات الحديثة حاليا لكن الأساليب الجوية قد لا تزال جذابة لإيران.
وأوضح أنه يمكن حتى لطائرة مقاتلة أن تحمل سلاحاً نووياً تكتيكياً صغيراً نسبياً بل قوياً ومخصصاً للاستخدام في ساحة المعركة (على الرغم من أن النظام الإيراني يفتقر إلى القاذفات الثقيلة اللازمة لنقل وإطلاق أسلحة استراتيجية).
وعقب الكاتب قائلا “في هذا السياق، تُعتبر المقارنة مع باكستان في محلها، علماً أن هذه الدولة هي مصدر تكنولوجيا التخصيب الأصلية بأجهزة الطرد المركزي الذي تملكها إيران”.
فبحلول عام 1984، كان برنامج إسلام آباد النووي قد أحرز تقدماً ملحوظاً لدرجة أن مدير البرنامج الراحل “عبدالقدير خان” أبلغ الديكتاتور العسكري “محمد ضياء الحق” أنه نجح في تصميم سلاح تم اختباره على البارد، مستبدلاً التنجستن باليورانيوم العالي التخصيب الذي يُستخدم لصنع قنبلة فعلية. وأسفر البرنامج أيضاً عن إنتاج مخزون صغير من المواد النووية المخصبة.
وكانت واشنطن على دراية بالتقدّم الذي تحرزه باكستان وزاد قلقها من إمكانية استخدام مقاتلات “إف-16″ التي زودتها الولايات المتحدة في قوة ضاربة نووية ناشئة لمواجهة الهند، التي نفذت ما سمّي بـ”تفجير نووي سلمي” في عام 1974.
واستشهد “هندرسون” بمقال نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” عام 1985 بعنوان “الولايات المتحدة تحث ضياء على التخلي عن التركيز العسكري في طلب المساعدة التالية”، إذ نقل كاتب مقال الصحيفة البريطانية4 عن مسؤولين استخباراتيين قولهم إن “باكستان تعمل على تصنيع قنبلة ذرية يمكن إطلاقها من مقاتلة إف-16”.
كما أشار المقال إلى أن إسلام آباد “أعربت عن اهتمامها… بأحدث نماذج قاذفات القنابل من نوع إف-16 وأدوات التحويل لجعل طائرة ركاب من طراز بوينج 707… ناقلات تتزوّد بالوقود أثناء الطيران”.
ونوه “هندرسون” إلى أن الكتاب الجديد (التزامات السلطة)، الذي يتضمن مقابلات مع نائب قائد الجيش السابق في عهد “ضياء الحق”، الجنرال “ميرزا أسلم بيك”، المتقاعد حالياً في روالبندي، يقدم المزيد من التفاصيل حول قدرات باكستان الأولية.
ويشير أحد مقاطع الكتاب أن “خان”، “نجح في تطوير نظام إطلاق.. يمكنه حمل أسلحة ذرية وإطلاقها نحو نقاط مستهدفة بواسطة طائرات “إف-16”.
وفي وقت لاحق، ادّعى “بيك” أن “تجربة نظام الإطلاق نجحت في أغسطس/آب 1987”.
وذكر “هندرسون” أنه في عام 1988، أصبح “بيك” القائد العسكري الأعلى في باكستان بعد وفاة “ضياء” في حادث تحطم غامض لطائرة برفقة السفير الأمريكي “أرنولد رافيل”، والملحق العسكري الجنرال “هربرت واسوم” وغيرهم.
ورغم أن “بيك” تقاعد بعد ثلاث سنوات فقط، إلا أن دعمه المتصوّر لإيران بقي مصدر إثارة للجدل، وفقا لـ”هندرسون”.
فعلى سبيل المثال، والحديث لـ”هندرسون”، بعد مقتل قائد “فيلق القدس” التابع لـ “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني “قاسم سليماني”، بضربة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار في يناير/كانون الثاني 2020، بدأت صورة تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي تنتشر على “تويتر” يظهر فيها “بيك” بالزي العسكري وهو يصافح “سليماني” الشاب، الذي زُعم أنه كان يزور باكستان لتلقي التدريب.
وتشمل السيرة الذاتية الجديدة صورة مشابهة للرجلين واقتباساً لـ”بيك” مفاده: “في الواقع، زار وفد من الحرس الثوري الإسلامي باكستان عام 1989 برئاسة الجنرال محسن رجائي. وكان [سليماني] معهم أيضاً”.
وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات علنية على أن إيران تعمل على نظام إطلاق باستخدام الطائرات، إلا أن الاحتمال يستحق المناقشة نظراً لأن طهران تملك الطائرات اللازمة لهذا الغرض ومن المعروف أنها عملت عن كثب مع باكستان في مجال التكنولوجيا النووية والشؤون العسكرية.
وخلص “هندرسون” إلى أن سيرة “بيك” الذاتية تُعيد أيضاً طرح السؤال حول ما إذا كان “عبدالقدير خان” – الذي دُفن في أكتوبر/تشرين الأول مع مرتبة الشرف العسكرية الكاملة وإكليل من الزهور من رئيس أركان الجيش الحالي – هو فعلياً الناشر المارق للتكنولوجيا النووية أو شخصاً عمل بتشجيع من بعض الجهات العسكرية والحكومية على الأقل.